.................................................................................................
______________________________________________________
والجواب : أنّ العلّة للحكم بحرمة السفر هو تفويت الجمعة على تقدير جواز السفر. وهذا المعنى أي استلزام جواز السفر تفويت الواجب باقٍ في حال التحريم أيضاً غير زائل حتّى يلزم بزواله زوال التحريم ، وليست علّة التحريم المذكور فوت الواجب مطلقاً حتّى يقال إنّه زائل حين التحريم ، فإنّ زواله حينئذٍ بسبب التحريم ، ويكفي للحكم بالتحريم أنه لو لم يكن التحريم لزم الفوت كما هو الشأن في كلّ علّة ومعلول. وإلى ذلك أشار بعض المحقّقين (١) حيث قال في وجه الدور : إنّه يلزم تحريم السفر من فرض جوازه وعدم إمكان الصلاة من فرض إمكانها ، والأصل فيه ثبوت تحريم السفر المستلزم لتفويتها بعد وجوبها ، كما أنّ الأصل في إنشاء السفر الغير المستلزم للمعصية الجواز.
قال العلّامة : فلو أنشأه بقصد الفرار من الصوم خاصّة وجب عليه الإفطار وإلّا دار ، والفرق فيهما تحريم الأوّل جزماً والكلام في المسوغ وتسويغ الثاني والكلام في المحرم. ومن الأوّل الشبهة المشهورة وهي ما لو نذر أن لا يفعل ما ينافي الصوم في شهر رمضان ثمّ أراد السفر فيه ، إذ المنافاة هنا ثابتة ، إنّما النزاع في الخروج عنها ، ولا مجال للمعارضة الّتي يلزم منها عدم المعصية أيضاً على تقدير المعصية ، لأنّ قول المعارض مع وقوع الفعل منه لا معصية ممنوع ، إذ الشارع في الصورتين إنّما يطلب الفعل في السفر إذا كان معصيةً لا مطلقاً ، لأنّ العاصي في سفره كالمقيم فالمعصية بحالها ، والأداء إنّما يكون مستنداً إليها لا إلى الجواز ، فتدبّر (٢) ، انتهى كلامه برمّته.
وفي «الشافية» لو أمكنه إقامتها في طريقه قبل محلّ الترخّص جاز قطعاً ، قلت : يبقى الكلام في إمكان هذا الفرض إذا كان سفره عن جمعة إلى اخرى ، قال :
__________________
(١) منهم السبزواري في ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣١٣ ، والبحراني في الحدائق الناضرة : ج ١٠ ص ١٦١ ١٦٢.
(٢) لم نعثر على هذا الكلام للعلّامة المراد بها حسن بن يوسف بن مطهّر المشهور بالحلّي في شيءٍ من كتبه ولم نظفر على مَن نقل عنه هذا الكلام أيضاً ، فراجع لعلّك تجده إن شاء الله.