.................................................................................................
______________________________________________________
إلى غير جهتها والتشاغل بالبيع ونحوه ، وصحيح زرارة يدلّ عليه. وتوقّف في الذكرى في احتساب هذا القدر من المسافة ، ولا وجه لهذا التردّد ، إذ لا منافاة بين كون المكلّف مسافراً ووجوب الجمعة عليه بسبب سابق على السفر كما يجب الإتمام في الظهر على مَن خرج في أثناء الوقت (١).
وفي «الشافية» مَن كان على فرسخين فما دون وقد تضيّق الوقت فهل يحرم عليه السفر في هذه الحال؟ احتمالان : أحدهما التحريم ، لأنه مخاطب بالسعي إليها إلّا إذا كان سفره إلى صوب إقامتها ، والثاني العدم ، لأنّ ذلك لا يدلّ على النهي عنه وأنه تعالى علّقه على النداء ، فقبله لا يكون مخاطباً ، أو يقال : إنّ وجوب السعي مشروط بعدم إنشاء سفر ، انتهى.
وفي «المدارك» ذكر المسألة ونقل فيها القول بوجوب الحضور عيناً وإن صار في محلّ الترخّص. واحتجّ له بأنه لولاه لحرم السفر وبأنّ مَن هذا شأنه يجب عليه السعي قبل الزوال ، فيكون سبب الوجوب سابقاً على السفر ، ونقل ما احتمله الشهيد من عدم كون هذا المقدار محسوباً من المسافة لوجوب قطعه على كلّ تقدير ، وضعّفه بأنّ وجوب قطعه على كلّ تقدير لا يخرجه عن كونه جزءً من المسافة المقصودة. ثمّ قال : ولو قيل باختصاص تحريم السفر بمابعد الزوال ، وأنّ وجوب السعي إلى الجمعة قبله للبعيد إنّما يثبت مع عدم إنشاء المكلّف سفراً مسقطاً للوجوب ، لم يكن بعيداً من الصواب (٢).
وقال في «مصابيح الظلام» : لعلّ مراد الشهيد أنّ الله سبحانه أمره بالسعي إلى الجمعة في كلّ جمعة وكان يفعله وما كان يحسب من جملة السفر الشرعي أصلاً وإن كان مسافراً لغةً وعرفاً ، ففي كلّ جمعة كان يسافر هذا السفر بأمر الله تعالى ، وما كان يقال إنّه مسافر بالسفر الشرعي ، فهذه الجمعة أيضاً مثل الجمعات السابقة يجب عليه السعي إليها لعموم ما دلّ عليه وبطريق عادته لا بدّ أن يسعى ويوجد ما
__________________
(١) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٤٢٢.
(٢) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٦١ ٦٢.