.................................................................................................
______________________________________________________
إنّ هذا المفهوم مقيّد بمنطوق قوله عليهالسلام في رواية الحلبي (١) «أعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشاً» ، فإنّ الظاهر تحقّق التفاحش بالالتفات بالوجه خاصّة إلى أحد الجانبين ، انتهى.
وفيه أوّلاً أنه استدلّ على بطلان الصلاة بالالتفات بأنّ الاستقبال شرط ، وقضيته أنّ الالتفات إلى ما بين المشرق والمغرب أيضاً مبطل ، إلّا أن يقول بأنّ مجموع ما بين المشرق والمغرب قبلة ، وهو باطل كما مرَّ في بحث القبلة ، سلّمنا ، ولكن قضيته عدم كون الالتفات إلى أحد الجانبين فاحشاً خصوصاً بالوجه خاصّة. وثانياً أنه لا يقول بعموم المفهوم فلا تعارض حينئذٍ. وثالثاً أنّ الحسن عنده لا يعارض الصحيح فكيف جعله مقدّماً عليه؟ وهلّا قيّد الحسن بمنطوق الصحيح أو جعل المراد بالتفاحش كونه بكلّه؟ على أنّا قد نقول : إنّ الضمير في قوله عليهالسلام «بكله» راجع إلى الالتفات ، فيكون المراد الكامل في التفاحش ويكون الإطلاق في الحسنة منصرفاً إلى الكامل ، فتأمّل جيّداً.
ولقائل بعد هذا كلّه أن يقول : قد تقدّم (٢) في بحث القبلة أنّ مَن انحرف عن القبلة ولم يصل حدّ التشريق والتغريب فتفطّن بالانحراف أنه يجب عليه استقبال القبلة ، فكيف يجوز الالتفات إلى غير القبلة عمداً وأن يصل به إلى حدّ التشريق والتغريب؟ كما هو صريح المصنّف (٣) والمحقّق (٤) وغيرهما (٥) إلّا أن يقال بجواز الالتفات في خلال الأجزاء لا في الأجزاء الّتي تكرارها عمداً أو سهواً يوجب البطلان.
وفيه : أنّ كلام الفاضلين مطلق يشمل الالتفات بأجزاء الصلاة ، وقد مرَّ في بحث الحدث (٦) في أثناء الصلاة أنّ هيئة الاستقبال متصلة مأخوذة في مفهوم الصلاة.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب قواطع الصلاة ح ٢ ج ٤ ص ١٢٤٨.
(٢) تقدّم في : ج ٥ ص ٤٠٨ ٤١٢.
(٣) منتهى المطلب : في قواطع الصلاة ج ١ ، ص ٣٠٧ ، س ٢٩.
(٤) المعتبر : في قواطع الصلاة ج ٢ ص ٢٦٠ ٢٦١.
(٥) كروض الجنان : في الاستقبال ص ٣٣٢ س ١١.
(٦) لم نعثر عليه في مظانّه.