.................................................................................................
______________________________________________________
فإن قلت : نفرّق بين الالتفات والصلاة إلى غير القبلة بكون الأوّل بالوجه خاصّة دون الثاني.
قلت : فيه أنه إذا كان الاستقبال بالوجه وغيره شرطاً فالمحذور بحاله ، على أنه على هذا لا وجه لاستدلالهم على إبطال الالتفات إلى ما وراءه بأنّ الاستقبال شرط في الصلاة. ثمّ إنّ أدلّتهم غير مختصّة به بل تشمل غيره ، لأنّ من جملة ما ذكروه حسن الحلبي (١) ، وليس فيه دلالة على مطلوبهم من أنّ الالتفات الفاحش هو الالتفات إلى ما وراءه ليس غيره ، وغير الفاحش هو الالتفات إلى اليمين واليسار. وأطرف شيء ما استدلّ به في «المنتهى (٢)» من طرق الجمهور على أنّ الالتفات إلى أحد الجانبين ليس بحرام وهو ما رووه عن ابن عباس (٣) أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يلتفت يميناً وشمالاً. وأنت خبير بأنّ الخبر على ضعفه ليس فيه ذكر للصلاة ، وحاشا رسول الله صلىاللهعليهوآله من أن يكون دأبه الالتفات في الصلاة كما يشير إليه لفظ «كان» بل حاشاه أن يلتفت ثلاث مرّات حتّى يعرض الله سبحانه عنه كما في خبر «ثواب الأعمال وعقابها (٤)».
هذا أقصى ما يقال في المقام. والجواب عن ذلك كلّه يعلم ممّا ذكرناه في بيان معنى التفاحش من فهم الأصحاب من الأخبار وإطباقهم على عدم الإبطال (البطلان خ ل) بالالتفات يميناً وشمالاً إلى غير ذلك ممّا مرَّ. وهذا كلّه إنّما هو في نفس الالتفات.
وقد قال جماعة (٥) : إنّ كلام الأصحاب في المقام غير نقي ولا ملتئم الأطراف. قلت : إنّ الجمع بعد جمعنا لجميع كلامهم صار ممكناً ، وإلّا فقد أصبح الخطب هيّناً.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب قواطع الصلاة ح ٢ ج ٤ ص ١٢٤٨.
(٢) منتهى المطلب : في قواطع الصلاة ج ١ ص ٣٠٧ س ٣٥.
(٣) المغني لابن قدامة : كتاب الصلاة ج ١ ص ٦٦١.
(٤) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال : عقاب من التفت في صلاته .. ص ٢٧٣ ح ١.
(٥) منهم البحراني في الحدائق الناضرة : ج ٩ ص ٢٧. والسبزواري في الذخيرة ص ٣٥٣ س ٤١.