يتخيّل أن الجنس الواحد لا تتضادّ مطلوباته ، فيصح ، فلما قال : (اثْنَيْنِ) بيّن فيه قبح التعديد للإله ، وأنه منزّه عن العددية. وقد أومأ إليه الزمخشري [بقوله] (١).
(٢) [وكذا القول في (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) فيتبع كل واحد مما يؤكد فيه العدد ليدلّ على أن القصد إليه ـ قال الزمخشري ـ] (٢) «ألا ترى أنك لو قلت : إنما هو إله ولم تصفه بواحد لم يحسن ، وقيل لك : إنك نفيت الإلهية لا الوحدانية».
ـ الثالث : أنّه لما كان النهي واقعا على التعدّد والاثنينيّة دون الواحد أتى بلفظ الاثنين ، لأن قولك : «لا تتخذ ثوبين» يحتمل النهي عنهما جميعا ، ويحتمل النهي عن الاقتصار عليهما ، فإذا قلت : «ثوبين اثنين» علم المخاطب أنك نهيته عن التعدد والاثنينيّة دون الواحد ، وأنّك إنما أردت منه الاقتصار على [ثوب] (٣) واحد ، فتوجه النفي إلى نفس التعدد والعدد ، فأتى باللفظ الموضوع له ، الدالّ عليه فكأنه قال : «لا تعدّد الآلهة [١٤٦ / ب] ، ولا تتخذ عددا تعبده ، إنما هو إله واحد». ٢ / ٤٣٥
ـ الرابع : أن «اتخذ» هي التي تتعدى إلى مفعولين ، ويكون (اثْنَيْنِ) مفعولها الأول و (إِلهَيْنِ) مفعولها الثاني ؛ وأصل الكلام : «لا تتخذوا اثنين إلهين» ثم قدم المفعول الثاني على الأول. ويدلّ على التقديم والتأخير أنّ (إِلهَيْنِ) أخصّ من (اثْنَيْنِ) واتخاذ اثنين يقع على ما يجوز ؛ و [على] (٤) ما لا يجوز ؛ وأما اتخاذ اثنين إلهين (٥) فلا يقع إلا على ما لا يجوز.
وقدم (إِلهَيْنِ) على (اثْنَيْنِ) إذ المقصود بالنهي اتخاذهما إلهين ؛ فالنهي وقع على معنيين : الآلهة المتخذة ، وعلى هذا فلا بدّ من ذكر «الاثنين» و «الإلهين» (٦) ؛ إذ هما مفعولا الاتّخاذ.
قال صاحب (٧) «البسيط» : «وهذا الوجه هو الجيّد ، ليخرج بذلك على التأكيد ؛ وأما إذا جعل (إِلهَيْنِ) مفعول (تَتَّخِذُوا) و (اثْنَيْنِ) صفة ، فإنه أيضا لا يخرج عن الوصف إلى
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) ما بين الحاصرتين ليس من المطبوعة ، وانظر قول الزمخشري في الكشاف ٢ / ٣٣٢.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) عبارة المخطوطة (إلهين اثنين).
(٦) في المخطوطة (وإلهين).
(٧) هو الحسن بن شرف شاه الأسترآباذي ، تقدم التعريف به وبكتابه في ٢ / ٤٦٤.