أرجح ، إذ لو فرض علة أخرى لم يكن بدّ من معلّل محذوف ، وليس قبلها ما يصلح له.
٣ / ٩٤ فإن قلت : لم قدّر المعلّل مؤخرا؟
قلت : فائدة هذا الأسلوب هو أن يجاء بالعلّة بالواو للاهتمام بشأن العلة المذكورة ؛ لأنه إمّا أن يقدّر علة أخرى ليعطف عليها ، فيكون اختصاص ذكرها لكونها أهمّ ، وإما أن يكون على تقدير معلل ؛ فيجب أن يكون مؤخرا ليشعر تقديمه بالاهتمام.
الثالث : الإتيان بكي ؛ كقوله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) (الحشر : ٧) ، فعلّل سبحانه قسمة الفيء بين هذه الأصناف كيلا يتداوله الأغنياء دون الفقراء.
وقوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) (الحديد : ٢٢ ـ ٢٣) ، وأخبر سبحانه أنه قدّر ما يصيبهم من البلاء في أنفسهم قبل أن تبرأ الأنفس أو المصيبة أو الأرض أو المجموع ، ثم أخبر أن مصدر ذلك قدرته عليه وأنّه هين عليه ، وحكمته البالغة التي منها ألاّ يحزن عباده على ما فاتهم ، ولا يفرحوا بما آتاهم ، فإنهم إذا علموا أنّ المصيبة فيه مقدّرة كائنة ، ولا بدّ قد كتبت قبل خلقهم هان عليهم الفائت ، [١٧٨ / أ] فلم يأسوا عليه ولم يفرحوا.
الرابع : ذكر المفعول له وهو علة للفعل المعلّل به ، كقوله : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً) (النحل : ٨٩).
ونصب ذلك على المفعول له أحسن من غيره ، كما صرح به في قوله : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل : ٤٤).
وقوله : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (البقرة : ١٥٠).
وقوله : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) (القمر : ١٧) ، أي لأجل الذكر ؛ كما قال تعالى : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (الدخان : ٥٨).
وقوله : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً* عُذْراً أَوْ نُذْراً) (المرسلات : ٥ ـ ٦) ، أي للإعذار والإنذار.
وقد يكون معلولا بعلّة أخرى ، كقوله تعالى (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ