أن يقال : «فإن كانتا صغيرتين فلهما كذا» أو «كبيرتهن فلهما كذا» أو «صالحتين» أو غير ذلك من الصفات ، فلما قال : (اثْنَتَيْنِ) أفهم أن فرض الثلثين (١) تعلق بمجرد كونهما اثنتين فقط (٢) ، وهي فائدة لا تحصل من ضمير المثنى. ومعناه أنهم كانوا في الجاهلية يورّثون البنين دون البنات ، وكانوا يقولون : لا نورّث إلا من يحمل الكلّ وينكئ العدوّ ؛ فلما جاء الإسلام بتوريث البنات أعلمت الآية (٣) أن العبرة في أحد الثلثين من الميراث منوط بوجود اثنتين من الأخوات ، من غير اعتبار أمر زائد على العدد. قال الحريري (٤) : ولقد (٥) أبدع مروان في استنباطه وسؤاله ، وأحسن أبو الحسن في كشف إشكاله!
ولقد (٦) نقل ابن الحاجب في «أماليه» (٧) هذا الجواب عن أبي علي الفارسي (٨) ـ وقد بيّنا أنه من كلام الأخفش ـ ثم اعترض عليه بأنّ اللفظ وإن كان صالحا لإطلاقه [على المثنى] (٩) مجردا عن الصفات لا يصحّ إطلاقه خبرا دالا على التجريد من الصفات ، وإنما يعنى باللفظ ذاته الموضوعة له ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : «جاءني رجل» ، لا يفهم إلا ذات ، من غير أن يدلّ على تجريد [١٤٧ / أ] عن مرض أو جنون أو عقل ، فكذلك «اثنين» لا تدل إلا على مسمى «اثنتين» فقط فلم يستفد (١٠) منه شيء زائد على المستفاد من ضمير التثنية. ٢ / ٤٣٧
ثم لو سلم صحة إطلاق اللفظ كذلك فلا يصحّ هاهنا ؛ إذ لو صحّ لجاز أن يقال : «فإن (١١) [كانتا على أي صفة حصل» ولو قيل ذلك لم يصحّ ، لأن تثنية الضمير في] (١١) (كانَتَا) عائد (١٢)
__________________
(١) العبارة في درة الغواص : (الثلثين للاختين).
(٢) عبارة الحريري : (فقط على أي صفة ...).
(٣) في المخطوطة (علمت الأمة).
(٤) هو القاسم بن علي بن محمد الحريري ، تقدمت ترجمته في ١ / ١٦٤. وانظر قوله في كتابه درة الغواص ص ١٧.
(٥) عبارة الحريري : (ولعمري قد ...).
(٦) في المخطوطة (وقد).
(٧) كتاب «الأمالي النحوية» لابن الحاجب أبي عمرو عثمان بن عمر بن يونس تقدم التعريف به في ١ / ٥١١.
(٨) هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار ، أبو علي الفارسي ، تقدم ذكره في ١ / ٣٧٥.
(٩) ساقطة من المخطوطة.
(١٠) تصحفت في المخطوطة إلى (يفسد).
(١١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(١٢) في المخطوطة (عائدا).