ومنها «اتخذ» تتعدى لواحد أو لاثنين ، فمن الأول قوله تعالى : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا) (الأنبياء : ١٧) ، (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) (الفرقان : ٣) ، (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) (الزخرف : ١٦) ، (يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (الفرقان : ٢٧). ومن الثاني : (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) (المنافقون : ٢) ، (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) (الممتحنة : ١) ، (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا) (المؤمنون : ١١٠) والثاني من المفعولين هو الأول في المعنى.
قال الواحدي (١) فأما قوله تعالى : (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ) (البقرة : ٥١) ٣ / ١٧٥ وقوله : (بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) (البقرة : ٥٤) (اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ) (الأعراف : ١٤٨) (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) (الأعراف : ١٥٢) ، فالتقدير في هذا كلّه : اتخذوه إلها ، فحذف المفعول الثاني.
والدليل على ذلك أنه لو كان على ظاهره ؛ لكان من صاغ عجلا أو نحوه ، أو عمله بضرب من الأعمال ، استحقّ الغضب من الله ، لقوله (٢) : (سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ [وَذِلَّةٌ]) (٣) (الأعراف : ١٥٢).
وفيما قاله [١٩٣ / ب] نظر ؛ لأن الواقع أن أولئك عبدوه ؛ فالتقدير على هذا في المتعدي لواحد (٤) أنّ الذين اتخذوا العجل وعبدوه ؛ ولهذا جوّز الشيخ أثير الدين (٥) في هذه الآيات كلّها أن تكون (٦) «اتخذ» فيها (٧) متعدّية (٨) [إلى واحد ، قال : ويكون ثمّ جملة محذوفة ؛ تدل على المعنى ؛ وتقديره : «وعبدتموه إلها» ورجّحه على القول الآخر بأنها لو كانت متعدّية] (٨) في هذه القصة لاثنين لصرّح بالثاني ولو في موضع واحد.
__________________
(١) هو علي بن أحمد الواحدي تقدم التعريف به في ١ / ١٠٥.
(٢) في المخطوطة (كقوله).
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (بواحد).
(٥) انظر البحر المحيط ١ / ٢٠٠.
(٦) في المخطوطة (يكون).
(٧) في المخطوطة (فيه).
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.