الضرب الثاني :
ألاّ يكون المفعول مقصودا أصلا ؛ وينزّل الفعل المتعدّي (١) منزلة القاصر (٢) ؛ [وذلك] (٣) عند إرادة وقوع نفس (٤) الفعل فقط ؛ وجعل (٥) المحذوف نسيا منسيّا ، كما ينسى الفاعل عند بناء الفعل ، فلا يذكر المفعول ، ولا يقدّر ؛ غير أنه لازم الثبوت عقلا لموضوع كلّ فعل متعدّ ؛ [لأن الفعل] (٣) لا يدرى تعيينه.
وبهذا يعلم أنه ليس كلّ ما [هو] (٦) لازم من موضوع (٧) الكلام مقدرا فيه ، كقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) (البقرة : ٢٤).
وقوله : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) (البقرة : ٦٠) ، لأنه لم يرد الأكل من معيّن ، وإنما أراد وقوع (٨) هذين الفعلين.
٣ / ١٧٦ وقوله : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر : ٩) ، ويسمّى المفعول حينئذ مماتا.
ولما كان التحقيق أنه لا يعدّ هذا من المحذوف ، فإنه لا حذف فيه بالكلّيّة ؛ ولكن تبعناهم في العبارة ؛ نحو فلان يعطي ؛ قاصدا (٩) أنه يفعل الإعطاء. وتوجد هذه الحقيقة إيهاما للمبالغة بخلاف ما يقصد فيه تعميم الفعل ؛ نحو : هو يعطي ويمنع ؛ فإنه أعمّ تناولا ؛ من قولك : يعطي الدرهم ويمنعه ؛ والغالب أنّ هذا يستعمل في النفي ، كقوله : (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) (البقرة : ١٧) ، والآخر في الإثبات ، كقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الروم : ٢٤).
__________________
(١) في المخطوطة (المتقدم).
(٢) في المخطوطة (المتأخر).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) تقديم وتأخير في المخطوطة (نفس وقوع).
(٥) في المخطوطة (ويجعل).
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (المراد أوقعوا).
(٨) في المخطوطة (وقوع).
(٩) عبارة المخطوطة (إنه قاصدا أنه).