والتحذير «لا يحطمنكم» ، والتخصيص سليمان ؛ والتعميم جنوده ، والإشارة «وهم» ، والعذر (١) «لا يشعرون». فأدّت خمس حقوق : حق الله ، وحق رسوله ، وحقها ، وحق رعيتها وحق جنود سليمان. فحقّ الله أنها استرعيت (٢) على النمل فقامت بحقهم ، وحق سليمان أنها نبهته على النمل ، وحقها إسقاطها حق الله عن الجنود في نصحهم ، وحق الجنود بنصحها لهم ٣ / ٢٢٨ ليدخلوا مساكنهم ، وحق الجنود إعلامها إياهم وجميع الخلق أن من استرعى (٣) رعيّة فواجب (٤) عليه حفظها والذبّ عنها (٥) ؛ وهو داخل في الخبر المشهور : «كلّكم راع وكلكم مسئول عن رعيته (٦)».
ويقال : إن سليمان عليهالسلام لم يضحك في عمره إلا مرة واحدة ، وأخرى حين أشرف على [٢٠٤ / أ] وادي النمل فرآها على كبر الثعالب (٧) ، لها خراطيم وأنياب ، فقال رئيسهم (٨) : ادخلوا مساكنكم ، فخرج كبير النمل في عظم الجواميس ، فلما نظر إليه (٩) سليمان هاله ، فأراه الخاتم ، فخضع له ، ثم قال : أهذه كلها نمل؟ فقال : إن النمل لكبير (١٠) ، إنها ثلاثة أصناف : صنف في الجبال ، وصنف في القرى ، وصنف في المدن.
فقال سليمان عليهالسلام : اعرضها عليّ ، فقال له : قف. فبقى [سليمان] (١١) عليهالسلام تسعين يوما واقفا ، يمرّ (١٢) عليه النمل ؛ فقال : هل انقطعت عساكركم ، فقال ملك النمل : لو وقفت إلى يوم القيامة ما انقطعت. وذكر الجنيد (١٣) أنّ سليمان عليهالسلام قال لعظيم
__________________
(١) في المطبوعة (الغدر).
(٢) في المخطوطة (استرعت).
(٣) في المطبوعة (استرعاه).
(٤) في المطبوعة (فوجب).
(٥) في المخطوطة (عليها).
(٦) غرّة حديث متفق عليه عن ابن عمر رضياللهعنهما ، أخرجه البخاري في الصحيح ٢ / ٣٨٠ ، كتاب الجمعة (١١) ، باب الجمعة في القرى والمدن (١١) ، الحديث (٨٩٣). وأخرجه مسلم في الصحيح ٣ / ١٤٥٩ ، كتاب الإمارة (٣٣) ، باب فضيلة الإمام العادل ... (٥) ، الحديث ٢٠ / ١٨٢٩.
(٧) في المخطوطة (البغال).
(٨) في المخطوطة (رائسهم).
(٩) في المخطوطة (رآه) بدل (نظر إليه).
(١٠) في المخطوطة (كثير).
(١١) ليست في المخطوطة.
(١٢) في المخطوطة (تمر).
(١٣) ترجمته في ٢ / ٢١٧.