قد (١) يكرر عامله إذا كان حرف جر ، كقوله : (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ) (الأنعام : ٩٩) ، ف (طَلْعِها) بدل اشتمال من (النَّخْلِ) وكرر العامل فيه ؛ وهو (مِنَ) (٢) [أول ما يخرج النخل] (٢) وقوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) (٣) [لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ (الأعراف : ٧٥) ، (لِمَنْ آمَنَ) ، بدل بعض من كل ، من (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا)] (٣) لأن المؤمنين بعض [١٥١ / ب] المستضعفين ، وقد كرر اللام.
وقوله : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ) (الزخرف : ٣٣) ، فقوله : (لِبُيُوتِهِمْ) بدل اشتمال من قوله : (لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ). وجعل ابن عطية (٤) اللام الأولى للملك والثانية للاختصاص ، فعلى هذا يمتنع البدل لاختلاف معنى الحرفين.
وقوله تعالى : (تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) (المائدة : ١١٤) ، [ف (لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا)] (٥) بدل من الضمير في (لَنا) ؛ وقد أعيد معه العامل مقصودا به التفصيل.
ومنه قراءة يعقوب (٦) : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً ، كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) (الجاثية : ٢٨) ، قال أبو الفتح : «جاز إبدال الثانية من الأولى ، لأن في الثانية ذكر سبب الجثو».
قيل : ولم يظهر عامل البدل إذا كان حرف جرّ ، إيذانا بافتقار الثاني إلى الأول ، فإن حروف الجر مفتقرة ، ولم يظهروا الفعل ، إذ لو أظهروه لانقطع الثاني عن الأول بالكلية ؛ لأن الكلام مع الفعل قائم بنفسه.
واعلم أنه لا خلاف في جواز إظهار العامل في البدل إذا كان حرف جرّ كالآيات السابقة ؛ فإن كان رافعا أو ناصبا ففيه خلاف ، والمجوّزون احتجوا بقوله [تعالى] (٧) : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ* وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُمْ) (الشعراء : ١٣١ ـ ١٣٣) فيجوز أن
__________________
(١) في المخطوطة (وقد).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٣) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٤) هو عبد الحق بن غالب بن عطية تقدم التعريف به في ١ / ١٠١.
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) القراءة وقول أبي الفتح ابن جني تجدها في المحتسب ٢ / ٢٦٢.
(٧) ليست في المخطوطة.