قال السكاكيّ (١) : «وعندي أن المراد ب «من لا يخلق» الحيّ القادر من الخلق تعريضا بإنكار تشبيه الأصنام بالله تعالى من طريق الأولى. وجعل منه قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) (الجاثية : ٢٣) بدل «هواه إلهه» فإنه جعل المفعول الأول ثانيا والثاني أولا ؛ للتنبيه على أن الهوى أقوى وأوثق عنده من إلهه» (٢).
ومنه قوله تعالى : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) (القلم : ٣٥).
وقوله : (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (ص : ٢٨) ، فإنّ بعضهم أورد أنّ أصل التشبيه يشبّه الأدنى بالأعلى فيقال : «أفتجعل المجرمين كالمسلمين ، والفجار كالمتقين» ، فلم خولفت القاعدة! ويقال : فيه وجهان :
أحدهما : أنّ الكفار كانوا يقولون : نحن نسود في الآخرة ، كما نسود في الدنيا ويكونون أتباعا لنا ، فكما أعزنا الله في هذه الدار يعزنا في الآخرة ، فجاء الجواب على معتقدهم أنهم أعلى ، وغيرهم أدنى.
الثاني : لما قيل قبل الآية : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ ٣ / ٤٢٩ كَفَرُوا) (ص : ٢٧) ؛ أي يظنون أن الأمر يهمل (٣) ، وأن لا حشر ولا نشر ، أم لم (٤) يظنوا ذلك ، ولكن يظنون أنا نجعل المؤمنين كالمجرمين ، والمتقين كالفجار.
***
السادسة : أن التشبيه (٥) [إذا كان] (٦) في الذمّ يشبّه الأعلى بالأدنى ، لأن (٧) الذمّ مقام الأدنى ، والأعلى ظاهر (٨) عليه فيشبه (٩) به في السلب ، ومنه قوله : (يا نِساءَ النَّبِيِ) [٢٤٠ / ب](لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) (الأحزاب : ٣٢) ، أي في النزول لا في العلوّ.
ومنه : (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (ص : ٢٨) أي في سوء (١٠) [الحال] (١١) ؛
__________________
(١) انظر مفتاح العلوم : ٣٤٤ ـ ٣٤٥. الغرض العائد إلى المشبه به.
(٢) في المخطوطة (إله).
(٣) في المخطوطة (مهمل).
(٤) في المخطوطة (ولم).
(٥) في المخطوطة (المشبه).
(٦) ساقطة من المطبوعة.
(٧) في المخطوطة (كان).
(٨) في المخطوطة (طار).
(٩) في المخطوطة (فتشبه).
(١٠) في المخطوطة (سواء).
(١١) ساقطة من المخطوطة.