وإذا كان في المدح يشبّه الأدنى بالأعلى فيقال (١) : تراب كالمسك ، وحصى (٢) كالياقوت ، وفي الذمّ : مسك كالتراب وياقوت كالزجاج.
***
السابعة : قد يدخل التشبيه على لفظ وهو محذوف لامتناع ذلك ، لأنه بسبب المحذوف كقوله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ) (البقرة : ١٧١). فإنّ التقدير : ومثل واعظ الذين كفروا ، فالمشبه الواعظ ، (٣) [وإلا ما الذي ينعق غير القبيح من الحسن] (٣) والمقصود تشبيه حال الواعظ منهم بالناعق للأغنام ، وهي لا تعقل معنى دعائه وإنما تسمع صوته ولا تفهم غرضه ، وإنما وقع التشبيه على الغنم التي ينعق بها الراعي ، ويمدّ صوته إليها ، (٣) [فلم يحمل التشبيه فيها وصوله إلى الراعي الذي يصيح لما كان من الأمر تشبيه] (٣) وفيه وجوه :
أحدها : أن المعنى : مثل الذين كفروا كمثل الغنم لا تفهم نداء الناعق ، فأضاف المثل إلى الناعق ، وهو في المعنى للمنعوق به ، على القلب.
٣ / ٤٣٠ ثانيها : ومثل الذين كفروا ومثلنا ومثلك ، كمثل الذي ينعق ، أي مثلهم في الإعراض ومثلنا في الدعاء والإرشاد (٤) ، كمثل الناعق بالغنم ، فحذف المثل (٥) الثاني اكتفاء بالأول ، كقوله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) (النحل : ٨١).
وثالثها ؛ أن المعنى : ومثل الذين كفروا في دعائهم الأصنام ـ وهي لا تعقل ولا تسمع ـ كمثل الذي ينعق بما لا يسمع ؛ وعلى هذا فالنداء والدعاء (٦) منتصبان ب «ينعق» و «لا» توكيد للكلام ، ومعناها الإلغاء.
رابعها : أن المعنى ومثل الذين كفروا في دعائهم الأصنام وعبادتهم لها واسترزاقهم إياها ، كمثال الراعي الذي ينعق بأغنامه (٧) ويناديها ، فهي تسمع نداء ولا تفهم معنى كلامه ، فيشبّه من يدعوه الكفار من المعبودات من دون الله بالغنم من حيث لا تعقل الخطاب.
__________________
(١) في المخطوطة (فتقول).
(٢) في المخطوطة (وحصبى).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (والاسناد).
(٥) في المخطوطة (المثال).
(٦) في المخطوطة (فالدعاء والنداء).
(٧) تصحفت في المطبوعة إلى (بغنمه).