يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) (النساء : ١٠) وقوله تعالى : (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج : ٤٦) ونحوها من المقيّد ـ إذ القول لا يكون إلاّ بالفم ، والأكل إنما يكون في البطن ـ ففوائده مختلفة :
ـ فقيل : (بِأَفْواهِهِمْ) للتنبيه على أنه قول لا دليل عليه ؛ بل ليس فيه إلا مجرد اللسان ، أي لا يعضده حجة ولا برهان ، وإنما هو لفظ فارغ من معنى تحته ، كالألفاظ المهملة التي هي أجراس ونغم ، لا تدلّ (١) على شيء مؤثر ؛ لأن القول الدال على معنى قول بالفم ومؤثر في القلب ، وما لا (٢) معنى له مقول بالفم لا غير ؛ أو المراد بالقول المذهب ؛ أي هو مذهبهم بأفواههم لا بقلوبهم ؛ لأنه لا حجة عليه توجب اعتقاده بالقلب.
ـ وقيل : إنه رافع لتوهم إرادة حديث النفس ؛ كما في قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) (المجادلة : ٨).
ـ وقيل : لأن القول يطلق على الاعتقاد ، فأفاد (بِأَفْواهِهِمْ) التنصيص على أنه باللسان دون القلب ، ولو لم يقيّد لم يستفد هذا المعنى ؛ ويشهد له : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ [إِنَّكَ]) (٣) ... (المنافقون : ١) الآية فلم يكذّب ألسنتهم ، بل كذّب ما انطوى عن ضمائرهم ؛ من خلافه (٤) ، وإنما قال (٥) : (فِي بُطُونِهِمْ ناراً) (النساء : ١٠) لأنه (٦) يقال : أكل في بطنه ، إذا أمعن ، وفي بعض بطنه ، إذا اقتصر ، قال : ٢ / ٤٢٨
كلوا في بعض بطنكم تعفّوا |
|
فإنّ زمانكم زمن خميص (٧) |
فكأنه قيل : يأكلون ما يجرّ ـ إذا امتلأت (٨) بطونهم ـ نارا. وإنما قال : (الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج : ٤٦) فإنه سبحانه لما دعاهم إلى التفكر والتعقل وسماع أخبار من مضى من
__________________
(١) في المخطوطة (يدل).
(٢) في المخطوطة (ولا) بدل (وما لا).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (خلافهم).
(٥) في المخطوطة (وقال) بدل (وإنما قال).
(٦) في المخطوطة (الآية).
(٧) البيت من شواهد سيبويه ولم يذكر قائله انظر الكتاب ١ / ٢١٠ باب الصفة المشبهة بالفاعل فيما عملت فيه.
(٨) في المخطوطة (امتلأ).