والمصنف هنا جعل التحريم (١) مشروطا بهما ، ولعله بناء على ما ادعاه في الذكرى من تلازم الوصفين ، وأن الاشتداد مسبّب عن مسمى الغليان : فيكون قيد الاشتداد هنا مؤكدا.
وفيه نظر ، والحق أن تلازمهما مشروط يكون الغليان بالنار كما ذكرناه ، أما لو غلى وانقلب بنفسه فاشتداده بذلك (٢) غير واضح (٣). وكيف كان فلا وجه لاشتراط الاشتداد في التحريم ، لما ذكرناه من إطلاق النصوص بتعليقه على الغليان ، والاشتداد وإن سلّم ملازمته لا دخل له في سببية التحريم.
ويمكن أن تكون النكتة في ذكر المصنف له (٤) اتفاق القائل بنجاسته على اشتراطه فيها (٥) ، مع أنه لا دليل ظاهرا على ذلك مطلقا (٦) كما اعترف به المصنف في غير هذا الكتاب ، إلا أن يجعلوا الحكم بتحريمه دليلا على نجاسته (٧). كما ينجس العصير لما صار خمرا وحرم. وحينئذ فتكون نجاسته مع الاشتداد مقتضى الحكم بتحريمه معه (٨) ، لأنها مرتبة عليه (٩) ، وحيث صرحوا باعتبار الاشتداد في النجاسة وأطلقوا القول بالتحريم بمجرد الغليان لزم أحد الأمرين :
إما القول بعدم ترتب النجاسة على التحريم (١٠) ، أو القول بتلازم الاشتداد والغليان ، لكن لما لم يظهر للنجاسة دليل سوى التحريم الموجب لظن كونه كالخمر وغيره من الربوبات المسكرات لزم اشتراك التحريم والنجاسة في معنى واحد وهو
______________________________________________________
(١) لا النجاسة.
(٢) أي بما لو غلى بنفسه.
(٣) وكذا الغليان بالنار إذا كان في أوله.
(٤) للاشتداد.
(٥) أي اشتراط الاشتداد في النجاسة.
(٦) أي على النجاسة سواء كان قبل الاشتداد أو بعده أو قبل الغليان أو بعده.
(٧) وهو الصحيح باعتبار أنه من الأفراد الخفية للمسكر.
(٨) أي بتحريم العصير مع الاشتداد.
(٩) أي لأن النجاسة مرتبة على التحريم.
(١٠) لأن شرط النجاسة مغاير لشرط التحريم.