الثالث : «اختار» قال الله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) [الأعراف ، ١٥٥] ، وقال الشاعر :
١٩١ ـ وقالوا : نأت فاختر من الصّبر والبكى |
|
فقلت : البكى أشفى إذن لغليلي |
أي : اختر من الصبر والبكى أحدهما.
الرابع : «كنى» بتخفيف النون. تقول «كنيته أبا عبد الله» ، و «بأبي عبد الله» ويقال أيضا «كنوته» قال :
١٩٢ ـ هي الخمر لا شكّ تكنى الطّلا |
|
كما الذّئب يكنى أبا جعدة |
______________________________________________________
قال الأعلم الشنتمري : «أراد من ذنب ، فحذف الجار وأوصل الفعل فنصب ، والذنب ههنا اسم جنس بمعنى الجمع فلذلك قال لست محصيه» ا ه. كلامه بحروفه ، وهو رأي سيبويه وشبهه بقول المتلمس : آليت حب العراق الدهر أطعمه ـ يريد حلفت على حب العراق لا أطعمه أبد الدهر ، فأما المؤلف فيرى هنا أن هذا الفعل له حالتان ، وفي مغني اللبيب يرى أن له حالة واحدة على ما سبق في شرح الشاهد السابق ص ٣٨٣ الماضية.
١٩١ ـ هذا بيت من الطويل ، من قصيدة طويلة لكثير بن عبد الرحمن ، المعروف بكثير عزة ، وأول هذه القصيدة قوله :
ألا حيّيا ليلى ، أجدّ رحيلي |
|
وآذن أصحابي غدا بقفول |
الإعراب : «قالوا» فعل وفاعل ، «نأت» نأى : فعل ماض ، والتاء علامة التأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي ، «فاختر» الفاء حرف دال على التفريع ، اختر : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، وله مفعول محذوف «من الصبر» جار ومجرور متعلق باختر ، وتقدير الكلام : فاختر من الصبر والبكى واحدا ، أو فاختر ما يريحك منهما ، ونحو ذلك ، «فقلت» الفاء حرف عطف ، وقلت : فعل وفاعل ، «البكى» مبتدأ ، «أشفى» خبر المبتدأ ، «إذن» حرف جواب وجزاء لا عمل له ، «لغليلي» الجار والمجرور متعلق بأشفى ، وغليل مضاف وياء المتكلم مضاف إليه.
الشّاهد فيه : قوله «فاختر من الصبر والبكى» حيث عدي الفعل ، الذي هو قوله اختر إلى مفعولين : أحدهما محذوف يصل إليه الفعل بنفسه ، وثانيهما مذكور ، وقد وصل الفعل إليه بحرف الجر ، وذلك في قوله «فاختر من الصبر والبكى» وتقدير الكلام : اختر من الصبر والبكى أحدهما.
١٩٢ ـ هذا بيت من المتقارب من كلام عبيد بن الأبرص ، وهو بيت مفرد ، قاله للنعمان بن المنذر ، وكان قد قدم عليه يوم بؤسه ، وكان للنعمان يومان : يوم نعيم يعطي فيه كل من وفد عليه