والثاني : أن «إنّ» بمعنى نعم (١) مثلها فيما حكي أن رجلا سأل ابن الزّبير شيئا فلم يعطه ، فقال : لعن الله ناقة حملتني إليك ، فقال : إنّ وراكبها ، أي : نعم ولعن الله
______________________________________________________
الشاهد إلى بعض أهل اليمن ، ولكن أبا زيد لم يرو هذا البيت فيما رواه ، وهذا الشاهد بيت من الرجز أو هو بيتان من مشطور الرجز ، وقد أنشده الأشموني (رقم ١٦) والمؤلف في كتابه أوضح المسالك (رقم ٩).
الإعراب : «إن» حرف توكيد ونصب ، «أباها» أبا : اسم إن ، منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر ، وأبا مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه ، «وأبا» الواو عاطفة ، أبا : معطوف على اسم إن ، وهو مضاف وأبا من «أباها» مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر ، وهو مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه ، «قد» حرف تحقيق ، «بلغا» فعل ماض ، وألف الاثنين فاعله ، مبني على السكون في محل رفع ، «في المجد» جار ومجرور متعلق ببلغ ، «غايتا» غايتا : مفعول به ، منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر ، وغايتا مضاف والضمير مضاف إليه.
الشّاهد فيه : قوله «غايتاها» فإنه مثنى غاية ، والمثنى في لغة أكثر العرب ينصب بالياء ، وفي لغة من ذكرهم المؤلف ينصب ويرفع ويخفض بحركات مقدرة على الألف ، وهذه الكلمة قد وقعت هنا في موضع المنصوب لأنها مفعول به ، ولو أنه أجراها على اللغة المشهورة لقال «قد بلغا غايتيها».
والنحاة يروون قبل هذا الشاهد قوله :
واها لريّا ثمّ واها واها |
|
يا ليت عيناها لنا وفاها |
بثمن نرضي به أباها |
وفي قوله «يا ليت عيناها» شاهد آخر لمجيء المثنى بالألف في حالة النصب ، فإن قوله «عيناها» اسم ليت ، وكان من حقه لو جاء به على المشهور من لغات العرب أن يقول : «يا ليت عينيها».
وفي قوله «وأبا أباها» شاهد آخر ، هو أن «أباها» مضاف إليه ، وهو من الأسماء الستة التي ترفع بالواو وتنصب بالألف وتخفض بالياء في لغة جمهرة العرب ؛ فكان حقه أن يقول «أبا أبيها» إلا أن
__________________
(١) ومن شواهد ورود «إن» بمعنى نعم قول ابن قيس الرقيات :
بكر العواذل في الصّبو |
|
ح يلمنني وألومهنّه |
ويقلن : شيب قد علا |
|
ك ، وقد كبرت ، فقلت : إنّه |
فإن هذا الشاعر يريد أن يجيب العواذل بقوله : نعم إني قد علاني الشيب وكبرت سني ، ولا أزال على ما كنت عليه في أيام الشباب والفتوة.