راكبها ، و «إنّ» التي بمعنى نعم لا تعمل شيئا ، كما أن نعم كذلك ، ف (هذانِ) مبتدأ مرفوع بالألف ، و (لَساحِرانِ) خبر لمبتدأ محذوف ، أي : لهما ساحران ، والجملة خبر (هذانِ) ولا يكون (لَساحِرانِ) خبر (هذانِ) لأن لام الابتداء لا تدخل على خبر المبتدأ.
والثالث : أن الأصل إنّه هذان لهما ساحران ؛ فالهاء ضمير الشأن ، وما بعدها مبتدأ وخبر ، والجملة في موضع رفع على أنها خبر «إنّ» ثم حذف المبتدأ وهو كثير ، وحذف ضمير الشأن كما حذف من قوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون» (١) ، ومن قول بعض العرب : «إنّ بك زيد مأخوذ».
الرابع : أنه لما ثنّي «هذا» اجتمع ألفان : ألف هذا ، وألف التثنية ؛ فوجب حذف واحدة منهما لالتقاء الساكنين ؛ فمن قدّر المحذوفة ألف «هذا» والباقية ألف التثنية قلبها في الجرّ والنصب ياء ، ومن قدّر العكس لم يغير الألف عن لفظها.
الخامس : أنه لما كان الإعراب لا يظهر في الواحد ـ وهو «هذا» ـ جعل كذلك في التثنية ؛ ليكون المثنى كالمفرد ؛ لأنه فرع عليه.
واختار هذا القول الإمام العلامة تقيّ الدين أبو العباس أحمد بن تيميّة رحمهالله ،
______________________________________________________
قوما من العرب يلزمون الأسماء الستة الألف في الأحوال الثلاثة ، ويرفعونها وينصبونها ويخفضونها بحركات مقدرة على الألف ، وهذا الراجز قد جاء في هذه الكلمة على هذه اللغة ، فافهم ذلك.
__________________
(١) لا يجوز أن تكون «إن» في هذا الحديث عاملة النصب والرفع في المذكور من الكلام ، على أية لغة من لغات العرب ؛ إذ لو كانت عاملة في المذكور لكانت الرواية : «إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورين» على أن يكون قوله : «المصورين» اسم إن منصوبا بالياء لأنه جمع مذكر سالم ، ولا يجوز أن تكون مهملة لأنها لا تهمل وهي مشددة مؤكدة ، فلزم أن يكون اسمها ضمير شأن محذوفا ، والمذكور في الكلام جملة من مبتدأ وخبر في محل رفع خبر إن.
ومن مجيء اسمها ضمير شأن محذوفا قول الأخطل التغلبي :
إنّ من يدخل الكنيسة يوما |
|
يلق فيها جآذرا وظباء |
إذ لا يجوز أن يكون «من» اسمها ؛ لكونه اسم شرط ، وأسماء الشرط لا يعمل ما قبلها فيما بعدها ولا يعمل فيها ما قبلها ؛ لأنها تقطع ما قبلها عما بعدها ، ولأن لها صدر الكلام.