عند ما ينفتح على الله حيث يجد السعادة الروحية في انتظاره في مواقع رحمته التي وسعت كل شيء (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) مما يتنافسون فيه ويتفاضلون ، ويجعلون له حدودا فاصلة ، وحواجز عازلة ، وقيما زائفة ، لأن ذلك كله لا يمثل شيئا في مواقع الثبات في المصير ، بل يبقى مجرد حالة طارئة ، وحاجة محدودة في متاع الحياة الدنيا ، أمّا رحمة الله فهي الخير كله الذي لا ينفد ولا يتحدد في مدى محدود.
وهذا ما ينبغي للإنسان المؤمن أن يعيشه في فكره وروحه وعمله وعلاقاته ، فلا يكون طموحه الحصول على متاع الحياة الدنيا ، والتنافس للوصول إلى مواقع متقدمة ، في هذا النطاق ، لأن ذلك يسيء إلى روحية الإيمان في وجدانه ، وعمق شخصيته ، عند ما يفضّل الحاجات المادية على القيم الروحية فإن الإيمان لا يستدعي الرفض المطلق للدنيا ، فهو أمر غير داخل في التخطيط الفكري والعملي الإسلامي ، بل يستدعي أن لا يستغرق الإنسان في حاجات الدنيا بحيث تكون كل هدفه ، وكل همّه ، فيخلد إليها ويطمئن إلى قضاياها .. بل أن يكون طموحه الحصول على رضى الله ورحمته ونعيمه في الدار الآخرة ، مع الالتفات إلى الدنيا كساحة مسئولية أمام الله ، لتكون الدنيا مزرعة الآخرة ، كما جاء في بعض الأحاديث المأثورة.
* * *