(وَالْكِتابِ الْمُبِينِ)
(حم) من الحروف المقطعة التي تقدم الحديث عنها. (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) الواو للقسم ويتعلق بالكتاب الذي أنزله الله ليوضح للناس حقائق العقيدة والحياة ، وليبيّن لهم المنهج الإلهي الذي يحرك قدرات الإنسان وإمكاناته ، نحو الوجهة التي تجعل منه عنصرا خيّرا صالحا في كل مواقعه وعلاقاته وقضاياه ..
وإذا كان الله يقسم بالكتاب المبين ، فلا بد من أن يكون هذا الكتاب متضمنا للعظمة في معناه ، مما يدعو الناس إلى الانفتاح عليه وتدبره في وعي فكري وروحي يدفعهم إلى خط الاستقامة في الشريعة التي أراد الله أن تكون برنامج الإنسان في كل تفاصيل الحياة.
* * *
هل نزل القرآن مرّة أو مرتين؟
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) وهي ليلة القدر التي صرّح القرآن باسمها في قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر : ١] وقد باركها الله بالقرآن الذي انفتح فيه على عباده بالرحمة الرسالية التي تشمل الحياة كلها ، في ما خططه لعباده من مواقع السعادة والسلام ، فالقرآن يحمل مبادئ الرسالة الإسلامية العامة التي تجعل من الحياة حياة يسودها النظام والاستقرار في كل الخير الذي يفيض ببركته على كل جوانب الحياة الإنسانية.
وربما يستظهر من الآية أن القرآن نزل دفعة واحدة في ليلة القدر ، كما أكدت بعض الأخبار الواردة في التفسير ، ولكن ذلك قد يتنافى مع الآية التي تتحدث عن النزول التدريجي للقرآن في قوله تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) [الإسراء : ١٠٦] وفي قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا