لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) [الفرقان : ٣٢].
وقد حمله صاحب الميزان على أنه «يمكن أن يحمل على نزول القرآن مرتين ، مرة مجموعا وجملة في ليلة واحدة من ليالي شهر رمضان ، ومرة تدريجا ونجوما في مدة ثلاث وعشرين سنة وهي مدة دعوته صلىاللهعليهوآلهوسلم» (١).
ثم يستدرك الفكرة ليوضح طبيعة نزوله مرتين على أساس الإجمال والتفصيل لا على أساس النزول التفصيلي على دفعتين فيقول :
«لكن الذي لا ينبغي الارتياب فيه أن هذا القرآن المؤلف من السور والآيات بما فيه من السياقات المختلفة المنطبقة على موارد النزول المختلفة الشخصية لا يقبل النزول دفعة ، فإن الآيات النازلة في وقائع شخصية ، وحوادث جزئية مرتبطة بأزمنة وأمكنة وأشخاص وأحوال خاصة ، لا تصدق إلا مع تحقق مواردها المتفرقة زمانا ومكانا وغير ذلك ، بحيث لو اجتمعت زمانا ومكانا وغير ذلك انقلبت عن تلك الموارد وصارت غيرها ، فلا يمكن احتمال نزول القرآن وهو على هيئته وحاله بعينها مرّة جملة ومرّة نجوما.
فلو قيل بنزوله مرتين كان من الواجب أن يفرّق بين المرتين بالإجمال والتفصيل ، فيكون نازلا مرّة إجمالا ، ومرّة تفصيلا ، ونعني بهذا الإجمال والتفصيل ما يشير إليه قوله تعالى: (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود : ١]» (٢).
وقد نلاحظ على ذلك أن الظاهر من آية الفرقان إقرار القرآن بأنه نزل تدريجا ، نزولا واحدا ، لأنه لو كان مسبوقا بنزول إجماليّ لأمكن الرد عليهم بذلك ، كما أن مسألة الإحكام والتفصيل ، بمعنى الإجمال والتفصيل ، تمثل
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٨ ، ص : ١٣٣.
(٢) (م. ن) ، ج : ١٨ ، ص : ١٣٣.