من غيرنا لأننا ـ في موقع الألوهية المطلقة ـ نملك الأمر كله ، والتدبير كله كما نملك الخلق كله ، (إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) الرسل بالرسالات التي تنظم للناس منهج الحياة وخط السير ، إلى جانب النظام الكوني ، الذي يحيط بهم ، ويحرّك شؤونهم ، لتجتمع لهم حكمة التدبير الكوني ، الذي يحيط بهم ، ويحرّك شؤونهم ، وحكمة الخط العملي ، (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) الذي يشرف على رعاية عباده بالرحمة التي تدير أمورهم وتقودهم إلى سعادتهم في الدنيا والآخرة (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الذي يسمع كل الدعوات المتضمنة لمسائلهم العامة والخاصة ، ويعلم حاجاتهم المتعلقة بحياتهم وكل ما يكفل لهم الطمأنينة والاستقرار والاهتداء إلى سواء السبيل.
* * *
وحدانية الله في حركة الحياة والموت
(رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) الذي يسيطر على الكون كله فليس هناك موقع أقرب إليه من موقع ، وليس هناك شيء يختص به دون شيء ، وليس لغيره أيّة مدخليّة في ذلك كله (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) بالحقيقة التي تتمثل في ذلك ، وتفرض نفسها على الوجدان.
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) وذلك هو المضمون العميق الذي لا بد لكم من أن تختزنوه في وعيكم الفكري والشعوري ، لتدركوا وحدانية الله في حركة الحياة والموت ، لتتعرفوا عليه في كل حيّ يولد ، وفي كل موجود يموت ، ولتلتقوا بربوبيته في وجودكم الذاتي ، وفي وجود كل آبائكم الذين سبقوكم وخضعوا لربوبيته المهيمنة على الكون كله.
* * *