الثاني : إمكان العالم فيما لا يزال ، إن كان لذاته ، فإن كان ثابتا في الأزل (بطل القول بوجوب حدوث العالم ، وإن لم يكن ثابتا في الأزل (١) مع أنّه قد تجدّد جاز حينئذ أن تحدث الأمور اللازمة لحقائق (٢) الأشياء فجاز أيضا أن تزول بعد ثبوتها ، إذ لا فرق في العقل بين الطرفين ، وإن كان بسبب ، كان ذلك الإمكان ممكنا في نفسه فيفضى إلى ثبوت إمكانات غير متناهية ، وهو محال.
ثمّ إنّها بأسرها تستدعي سببا ، وكلّ ما كان كذلك فهو لذاته ممكن ، فإذن إن لم يكن هناك استغناء عن الجعل امتنع جعل تلك الإمكانات ، وإن كان هناك إمكان استغنى (٣) عن الجعل فهو حاصل لذاته ، ويعود الكلام الأوّل.
الثالث : صحّة مؤثّرية الله تعالى في العالم ، إن كانت لذاته يلزم دوامها لدوام ذاته ، أو لأمر آخر فيعود التقسيم ولا ينقطع إلّا عند الانتهاء إلى واجب الوجود ، ومع ذلك فلا يجب دوام صحّة تلك المؤثريّة.
الرابع : الحادث يصحّ أن يكون مقدورا لذاته ، وحال البقاء يمتنع عليه أن يكون مقدورا ، فقد تبدّلت صحّة تلك (٤) المقدورية بامتناعها ، وقد تبدّل الواجب الذاتي.
الخامس : الحادث قد كان مقدورا للباري تعالى في الأزل إلى أن أوجده ، ثمّ زالت صحّة قدرته (٥) تعالى على احداثه ابتداء ، لاستحالة إيجاد الموجود ، وإذا زالت تلك الصحّة مع أنّها قديمة ، لزم عدم القديم.
__________________
(١) م : من «بطل» إلى «الأزل» ساقطة.
(٢) ق وج : «بحقائق».
(٣) م : «استغناء».
(٤) ق وج : «تلك» ساقطة.
(٥) في جميع النسخ : «مقدوريته» ، أصلحناها طبقا للمعنى والسياق.