وتحقيقه : أنّ الجوهر قابل ، فربّما احتاج تأثير فاعله فيه إلى وجود شرط آخر ، كالشمس الفاعلة لإضاءة وجه الأرض بشرط المحاذاة ، فإنّ المحاذاة إذا عدمت لم يبق وجه الأرض مضيئا ، وإن كان الفاعل والقابل موجودين (١).
البحث السابع : في انقسام العرض بانقسام محله (٢)
أمّا المتكلّمون القائلون بانقسام الأجسام إلى الجواهر الأفراد ، فإنّ هذا الحكم ظاهر عندهم ، لأنّ الحالّ في أحد الأجزاء غير الحالّ في الآخر ، لاستحالة أن يكون هو هو بعينه ، لامتناع حلول الواحد المطلق في محلين.
وأمّا الأوائل القائلون بوحدة الجسم وأنّه قابل للانقسام ، فاستدلوا على هذا الحكم (٣) : بأنّ الجسم ذا القوة البسيطة ، إمّا أن تكون تلك القوة حاصلة في جسميته أو أطرافه ، كالبياض والضوء ، أو لا في جسميته ولا في أطرافه. فإن لم تكن في جسميته ولا في أطرافه فليس موجودا فيه ، وإن كان في جسميته أو في أطرافه ، فأيّ جزء أخذته من الجسمية ، إن لم توجد تلك القوة فيه كان ذلك الجزء خاليا عن القوة ، فليس ذلك الجسم بكلّيته فيه تلك القوة ، بل في بعض من ذلك الجسم دون بعض. وكذا البحث في الأطراف المنقسمة ، وإن كانت في طرف غير منقسم ، كالنقطة لم توجد في الجسم الكري ؛ لأنّ النقطة لا توجد إلّا بعد الحركة التي هي بعد القوة التي هي في النقطة ، والشيء لا يتأخر عن نفسه.
__________________
(١) نقد المحصل : ١٨١.
(٢) انظر البحث في المباحث المشرقية ١ : ٢٥٩ ـ ٢٦٥. وقال الطوسي في تجريد الاعتقاد : «وأمّا الانقسام فغير مستلزم في الطرفين» ، فليلاحظ شرح كلامه في كشف المراد : ١٠٣ ـ ١٠٤ ؛ شرح القوشجي في هذه المسألة.
(٣) المستدل هو الشيخ ابن سينا في المباحثات : ١٩٦.