من مكان إلى مكان ، وقد حصل هذا المعنى فيهما ، فكانا متحركين مع أنّهما ساكنان بالضرورة ، وكلّ سكون ففي مكان واحد ، فليس السطح ، فهو البعد الذي لا ينتقل ولا يتبدّل بوجه ، بل يكون ثابتا (١) ، وإنّما تحرك الجسم الحاوي له أو لا (٢) ، ويكون كلّ فلك محوي وكلّ كوكب ساكنا لملازمته السطح الحاوي له ، والضرورة قاضية بحركة الشمس وسكون الحجر في الماء الجاري.
د : من شأن المكان الثبات والبقاء وعدم الحركة والزوال ، وهذا إنّما يتحقّق في البعد ، فإنّه لا يزول ولا ينتقل عن موضعه ولا يتحرك البتة ، وأمّا نهايات المحيط فإنّها قد تتحرك بوجه ما وتزول.
ه : الناس يصفون المكان بالخلو والفراغ تارة ، وبالامتلاء أخرى ، ولا يصفون السطوح بذلك ، فتغايرا.
و : لو جعلنا المكان هو السطح المماس لسطح المتمكن لم يكن لأجزاء المتمكن مكان ، ولو كان عبارة عن البعد كان لها مكان.
ز : النار في حركتها إلى فوق والأرض في حركتها إلى أسفل تطلب مكانا بكلّيتها ، ولا يطلب نهاية الجسم الذي فوقه أو تحته ، فإنّ النهاية يستحيل أن يلاقيها جسم ، فالمطلوب هو البعد على الترتيب.
اعترض على (٣) أ : بانّكم إن عنيتم بكون الجسم مقتضيا للمكان ، أنّه بجسميته يصحّ أن يحيط به جسم آخر فذلك مسلّم ، ولا (٤) يلزم منه مقصودكم ،
__________________
(١) في الشفاء : «دائما واحدا بعينه».
(٢) كذا في النسخ.
(٣) انظر الاعتراضات والجواب على الوجوه في الفصل التاسع من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ المباحث المشرقية ١ : ٣٣٥ ـ ٣٣٦.
(٤) في المباحث المشرقية : «لا» ساقطة.