الموضع الذي يليق به ويستحقه.
ب : انّ الواقعية ورعاية مصالح الإنسان ومنافعه تقتضي أن يكون المقنّن بعيداً عن كلّ أنواع الهوى ، ومنزّهاً عن حب الذات ، والسعي لجلب المنفعة الشخصية أو الفئوية في سنّه للقوانين والتشريعات ، وذلك لأنّ الغرائز والميول الضاغطة على الإنسان كالأنانية والنفعية تُعدّ حجاباً غليظاً ومانعاً قوياً بين المقنّن وبين الرؤية الواقعية للأُمور ، وانّ المقنّن مهما سعى أن يكون إنساناً موضوعياً منزّهاً عن تلك الميول ومتحرّراً منها ، إلّا أنّها تفعل فعلها في اللاشعور ومن دون إرادته واختياره ، وتؤثّر أثرها في التلاعب بالقانون والميل به عن جادة الواقعية والموضوعية.
ج : انّ الميول الحزبية والتوجّهات الفئوية والخوف من أصحاب النفوذ والقدرة في المجتمع تُعدّ هي الأُخرى من العوامل التي تجنح بالمقنّن إلى الميل عن جادة الحق والموضوعية ، وتحرفه عن أُصول وأُسس التقنين المتزنة والمحايدة ، وتبعده عن النظرة الشمولية واعتماد منهج العدل والإنصاف ، ولذلك تجد المقنّن والمشرع وتحت ضغط عامل الخوف والخشية من أصحاب النفوذ والسطوة في المجتمع يسنّ القوانين بطريقة تؤمّن مصالح ومنافع تلك الثلّة حتّى لو كان ذلك على حساب المصلحة العامّة وسحق الطبقات الأُخرى.
ثمّ إنّ عامل الخشية والخوف من مراكز القدرة وأصحاب السطوة ـ أفراداً كانوا أو جماعات ـ يبقى كالسيف المرهف المسلّط على رقبة المقنّن يسوقه إلى الجهة التي يريدها صاحب السيف وذو السلطة والنفوذ بنحو تجعل المقنن يعيش بين خيارين : إمّا الخضوع إلى السلطة وتلبية رغباتها وسن القانون وفقاً لميولها وإرادتها والانجراف مع تيارها ؛ وأمّا تحمّل أشدّ الضغوط والمصاعب