ولا ريب انّ هذا الصندوق عظيم البركة بشهادة أنّ الملائكة هي التي تحمله ، فلو كان حفظ الآثار وصيانتها بصورة عامّة وحفظ هذا الصندوق الأثري بصورة خاصة غير لائق وغير جدير بالاهتمام ، فلما ذا يتحدّث عنه القرآن الكريم بهذا اللحن من الخطاب الإيجابي الذي يظهر منه تأييد الفكرة واستحسانها؟! ولما ذا تتصدى الملائكة على عظمتها وقداستها لحمله؟! ولما ذا تكون عملية استرجاعه من أيدي العمالقة آية على حقّانية قائد الجيش في وقته؟!
نعم انّ الجهلة وذوي العقول الصبيانية هم الذي يعبثون بتراثهم ولا يعيرون له أهمية تذكر ، ولا يرون له ذلك الأثر الفاعل في حركتهم المستقبلية ، وأمّا الوارث العاقل واللبيب فإنّه يتعامل مع ذلك الموروث بطريقة أُخرى وبنحو يختلف اختلافاً جوهرياً عن الطريقة السالفة ، وذلك لأنّه يعي جيداً ما تنطوي عليه تلك الآثار من تراث معنوي واجتماعي ، وما يعكسه هذا التراث من أصالة وحقّانية وإثبات للهوية ، لذلك تجده يعض عليها بالنواجذ ، ويبذل في سبيل صيانتها الغالي والنفيس.
ومن حسن الحظ أنّ الأُمّة الإسلامية ومنذ الأيام الأُولى قد التفتت إلى أهمية هذا التراث الإسلامي المهم ، فحافظت عليه كما حدّثنا التاريخ الإسلامي بذلك ، حيث كانوا يحتفظون بكلّ ما يمت إلى الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بصلة ، من : ثياب ، وسلاح ، ودار ، وكتاب ، وغير ذلك من الحاجات الشخصية التي كان يستعملها ، بل حتى «شعره» كانوا يحتفظون به في صندوق خاص.
إذا اتّضح ذلك نعطف عنان القلم لدراسة مجموعة من البحوث التي لها ارتباط وثيق بالموضوع ، وهي :