إنّ جملة (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) تبيّن السبب والعلّة في رفعة وعظمة تلك البيوت التي وصفت بقوله تعالى : (أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ).
ثمّ تتعرض الآية الأُخرى للحديث عن صفات وسمات الرجال العابدين الذين يسكنونها ويعيشون فيها ، حيث قال تعالى :
(رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ). (١)
لقد تحدّثت الآيات المباركة عن تلك البيوت بلحن خاص يشعر بالتعظيم والتحسين ، وأشارت إلى سمات الرجال الإلهيين الذين يسكنونها بأنّ دأبهم التسبيح والتمجيد والتهليل والتكبير. ومن هنا لا بدّ من تسليط الأضواء على مسألتين أساسيتين ، هما :
١. ما المقصود من البيوت في الآية؟
٢. في تفسير قوله تعالى : (أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ).
أمّا المسألة الأُولى : فقد اختلف المفسّرون في تفسير «البيوت» حيث اختار كلّ واحد منهم أحد المعاني التالية :
الف : المقصود بها المساجد الأربعة خاصّة.
ب : المقصود بها مطلق المساجد في العالم.
ج : المقصود بها بيوت النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصّة.
د : المقصود بها المساجد وبيوت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والذي يظهر انّ الاحتمال الثالث هو الاحتمال الصحيح من بين جميع
__________________
(١) النور : ٣٧.