تعظيمها ، والرفع من قدرها. (١)
ولقد اختار الكثير من المفسّرين المعنى الثاني للرفع. (٢)
ومن الواضح : انّ المراد من رفع البيوت ليس إنشاءها ، وذلك لأنّ المفروض أنّ الآية المباركة تتحدّث عن بيوت مبنيّة ومعدّة مسبقاً ، بل المراد هو الرفع المعنوي ، والحفاظ على مكانة ومنزلة تلك البيوت وقداستها ، وصيانتها من الاندثار ، وذلك إكراماً منه سبحانه لأصحابها الذين أضفوا عليها تلك القداسة ومنحوها تلك المنزلة الرفيعة ، من خلال تهجّدهم آناء الليل وأطراف النهار ، وتلاوتهم لكتاب الله سبحانه وتعالى ، وتسبيحهم وتحميدهم وتهليلهم.
والكلّ منّا يعلم أنّ الرسول الأكرم قد دفن في نفس تلك البقعة التي طالما ناجى فيها ربّه وتهجّد فيها وقام راكعاً وساجداً يخشى الله واليوم الآخر ، ومن هذا المنطلق الذي جاءت به الآية الكريمة ، تكون تلك الدار ذات قداسة ومنزلة خاصّتين يفرضان على المسلم احترامها والمحافظة على رفعتها وقداستها وتعظيمها والرفع من قدرها ، بالإضافة إلى صيانتها عمّا يشينها من الدمار والتخريب والإهمال و ....
بل انّ قسماً من بيوت المدينة المنوّرة كانت مراقد وقبوراً لكبار الصحابة والشخصيات الإسلامية ، وعلى رأس هؤلاء يمكن الإشارة إلى الصدّيقة الطاهرة سلام الله عليها فإنّها ـ وحسب رواية الكليني (٣) ـ قد دفنت في دارها التي ما زالت قائمة حتى الآن.
__________________
(١ و ٢) الكشاف : ٢ / ٣٩٠ بتصرف. وانظر : جامع الأحكام : ٢ / ٢٢٦ ؛ وروح البيان : ٦ / ١٥٨.
(٣) انظر الكافي : ١ / ٤٦١.