جَدِيدٍ). (١)
وفي الحقيقة انّ أساس إشكالهم مبني على الفكرة التالية : انّهم اعتقدوا انّ الموت يمثل بطلان الشخصية الإنسانية وانعدامها ، لأنّهم تصوّروا أنّ حقيقة الإنسان قائمة ببدنه ، وبما أنّ هذا البدن المادي سوف يتفسّخ وينحل إلى جزئيات وذرّات تتبعثر في الأرض (ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) وتختلط بالتراب ، فمن المستحيل إعادة تلك الذرّات المتناثرة هنا وهناك مرّة أُخرى لتعود إلى ما كانت عليه قبل الموت إنساناً كاملاً سويّاً!!
ولقد أجاب القرآن الكريم عن هذه الشبهة ببيان بطلان أساسها ، حيث بيّن سبحانه وتعالى للمشركين أنّ اعتقادهم بأنّ حقيقة الإنسان تنحصر في العنصر المادّي منه اعتقاد باطل ، وتفكير ساذج ، لأنّ الإنسان يتكوّن من عنصرين :
أحدهما : البدن المادي ، وهذا هو الذي يطرأ عليه الفناء والضلال والتبعثر في الأرض.
وهناك عنصر آخر في الإنسان لا يتطرّق إليه الفناء ولا الضلال في الأرض ، وهو الذي يمثّل حقيقة الإنسان وواقعيته ، وهذا الشيء الثابت يقبضه ملك الموت بصورة كاملة من دون أيّ نقص أو انعدام ، قال تعالى :
(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ). (٢)
__________________
(١) السجدة : ١٠.
(٢) السجدة : ١١.