منزّه من تلك الوسمة ، بل هو نوع تكريم واحترام ، وتوسّل بالسبب الذي جعله الله تعالى وسيلة للتقرب إليه.
فالخلاصة : انّ الدعوة المنهي عنها هي الدعوة بمعنى العبادة ، أي المقترنة باعتقاد ألوهية المدعو ، وأمّا الدعوة المجرّدة فلا يشملها النهي أبداً ، ولكي تتضح مغالطة المخالفين ولفّهم ودورانهم وتحريفهم الموضوعي حيث جاءوا بالآيات الواردة في حقّ المشركين وعبدة الأوثان وطبقوها ـ زوراً وبهتاناً ـ على عمل المسلمين ، ومن هذه الآيات :
(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ). (١)
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ). (٢)
وفي آية أُخرى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ). (٣)
وقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ). (٤)
وقوله تعالى : (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا). (٥)
وقوله تعالى : (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ). (٦)
لقد استدلّ المخالفون للتوسّل ـ على منابرهم وفي رسائلهم وكتبهم ـ بهذه الآيات لإثبات حرمة التوسّل وكونه شركاً ، وطبقوا تلك الآيات ـ بلا تورع ـ على عمل المسلمين. والحال أنّ هذه الآيات لا علاقة لها بعمل المسلمين لا من بعيد ولا من قريب أبداً ، ومن أراد المزيد من التوضيح فعليه بمراجعة
__________________
(١) الرعد : ١٤.
(٢) الأعراف : ١٩٧.
(٣) الأعراف : ١٩٤.
(٤) فاطر : ١٣.
(٥) الأنعام : ٧١.
(٦) يونس : ١٠٦.