(فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ) أو دعوتهم بصورة مستقلة ، هو نفي الدعوة المقترنة باعتقاد الألوهية للمدعو ، وأمّا الدعوة المجردة عن هذا الاعتقاد فلا بأس بها ، بل انّها تشكّل الأساس لحركة الحياة البشرية ، قال تعالى : (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ). (١)
وفي آية أُخرى يقول سبحانه : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً). (٢)
وعلى هذا الأساس لا يكون المراد من الآيات السابقة النهي عن مطلق الدعاء والنداء ، بل المراد الدعاء الحاكي عن الخضوع والخشوع أمام من يعتقد أنّه الله ، أو على أقلّ تقدير فوّض إليه فعل الله.
ومن هنا نعرف أنّه لا علاقة بين هاتين الآيتين ونظائرها من الآيات ، وبين دعوة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم باعتباره عبداً من عباد الله المكرمين ، ليس بإله ولا فوّض إليه فعل الإله.
ومع شديد الأسف نجد المخالفين لفكرة التوسّل قد جمعوا تلك الآيات الواردة في حقّ المشركين والآلهة المزيفة من الأوثان والأصنام ، وحاولوا تطبيقها على جميع المسلمين المتوسّلين بالأرواح المقدّسة. والحال انّ هذه الآيات خارجة عن محط النزاع من جهتين :
١. انّ مصبّها المشركون وليس الموحّدين.
٢. إنّما اتّسم فعل المشركين بالعبادة باعتبار أنّهم قد اعتقدوا بألوهية الأوثان ودعوها وخضعوا لها من هذا المنطلق ، والحال أنّ خضوع المسلمين
__________________
(١) آل عمران : ٦١.
(٢) النور : ٦٣.