وقبل البدء بدراسة الآيات لا بدّ من التذكير بنكتة مهمة ، وهي : انّ من المفاهيم الإسلامية الثابتة والأُصول الواضحة انّ الإيمان إذا لم يقترن بالعمل لا يجدي نفعاً ولا يكون سبباً للنجاة في ذلك العالم ، من هنا نجد أنّ آيات الذكر الحكيم في الغالب تقرن الإيمان بالعمل كما في قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، ومن هنا لا يمكن للإنسان أن يتكئ على إيمانه فقط ، أو على عمل ابنه أو صديقه أو ... ، بل لا بدّ لمن يتوخّى النجاة ويروم الفوز بالنعيم أن يقرن إيمانه بالعمل الصالح.
نعم ظهرت على الساحة الفكرية الإسلامية في نهاية القرن الأوّل وأوائل القرن الثاني فرقة كلامية يقال لها : «المرجئة» ذهبت إلى كفاية الإيمان ولم تعر للعمل الصالح أهمية تذكر ، فتصدّى لهذه الفرقة أئمّة الهدى عليهمالسلام وبيّنوا نقاط الخلل والانحراف الكامن في طيّ هذه النظرية ، كما حذّروا المسلمين عامّة وشيعتهم خاصة من الانجراف مع هذا التيار المنحرف ، وخاصة بالنسبة إلى الشباب حيث قالوا عليهمالسلام : «بادروا أولادكم بالأدب قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة». (١)
كما واجه الأئمّة عليهمالسلام النظرية الأُخرى التي ترى في الانتساب إلى بيت الرسالة عاملاً للفوز والنجاح حتّى إذا لم يقترن ذلك الانتساب بالعمل الصالح ، وقد اعتبر الأئمّة عليهمالسلام انّ هذه النظرية هي الأُخرى لا أساس لها من الصحة ولا تقوم على أُسس قرآنية متينة ، بل هي في الحقيقة تمثّل امتداداً للفكر اليهودي المنحرف المتمثّل في قولهم : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ). (٢)
ومن هنا ندرك جيداً انّ نجاة الإنسان وفوزه مقترنان بالإيمان أوّلاً والعمل
__________________
(١) الكافي : ٦ / ٤٧ ، الحديث ٥.
(٢) المائدة : ١٨.