ـ يسبغ عليها وصف «التجديد والإصلاح الديني» (١) والحال أنّها المصداق البارز لقوله تعالى :
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ). (٢)
وأخيراً لبست حركة التجديد الديني ـ المزعومة ـ لباساً جديداً وتأطّرت بإطار خلّاب يبهر العيون ويستهوي القلوب ، ويخفق له قلب كلّ موحّد ، ألا وهو إطار (محاربة الشرك والتصدي للابتداع) ، منطلقة في حركتها من أفكار ابن تيمية الحرّاني ـ التي أثارها في القرن الثامن الهجري ـ وبهذا استطاعت أن تعيد للأوساط الإسلامية في القرن الثاني عشر وعلى يد رجل يدّعي الإصلاح الديني تلك الأفكار التي علاها ركام الإهمال والهجران لقرون عديدة بسبب الموقف الصارم الذي وقفه علماء الإسلام الكبار والتصدّي الصلب والموقف الشجاع الذي وقفوه تجاه ابن تيمية وأفكاره ، ثمّ تمكنت تلك الحركة ـ بالإضافة إلى إحياء هذه الأفكار ـ من التصدّي لتصدير معتقداتها وتوجّهاتها إلى شتّى أقطار العالم الإسلامي والدفاع عنها باعتبارها أفكار تجديدية وحركة إصلاحية ، محاولين تأطيرها بإطار سياسي.
ولكي يقف القارئ الكريم على مؤسس هذه الحركة ومَن تصدّى لإحيائها ومدى النجاح الذي حقّقوه في التصدّي للشرك والابتداع ـ كما يزعمون ـ نقول :
ولد أحمد بن عبد الحليم المعروف بابن تيمية في مدينة حرّان عام ٦٦١ ه ـ بعد خمس سنوات من سقوط الخلافة الإسلامية في بغداد وانغمار المسلمين في مشاكل كثيرة. وتوفّي مسجوناً في قلعة دمشق عام ٧٢٨ ه ـ.
لم يتصدّ الرجل لعرض أفكاره وآرائه على الملأ العام إلّا في عام ٦٩٨ ه ـ ،
__________________
(١) كما فعل ذلك أحمد أمين المصري (١٢٩٦ ـ ١٣٧٢ ه ـ) في كتابه «زعماء الإصلاح».
(٢) البقرة : ١١.