مركّب من أعضاء مختلفة في الكمّ والكيف والشكل والطبيعة ، فلو كان الفاعل في ذلك الحرارة أو فعل الكواكب لكان فعلا متساويا ، وإذا كان تأثير المؤثر متساويا وأجزاء القابل مشابهة كان الأثر متشابها ، ولذا قال الحكماء : الشكل الطبيعي هو الكرة لكنّ الأثر مختلف كما عرفت ، فدلّ ذلك على فاعل حكيم يدبر بالقدرة والاختيار.
الثاني : دلائل الآفاق فإمّا في العالم الفلكي أو العالم العنصري من الحيوان والمعدن والنبات. وتفصيل ذلك مذكور في مظانّه المطوّلة ، وأشير في الكتاب العزيز إلى هذه الطريقة بقوله : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) (١) وهو استدلال إنّي.
وأمّا الثاني فنقول : الواجب تعالى قديم ، أي لا أوّل لوجوده وأزلي كذلك ، وباق أي مستمر الوجود ، وأبديّ أي لا آخر لوجوده ، وسرمديّ أي أنّه مصاحب لجميع الأزمنة المحقّقة والمقدّرة ماضية كانت أو حاضرة أو مستقبلة ، إذ لو لا ذلك لجاز عليه العدم وقتا ما فيكون ممكنا فيفتقر إلى المؤثر ، فيلزم الدور أو التسلسل ، وهما باطلان. وقد تقدم في خواصّ الواجب أنّه لا يزيد وجوده ولا وجوبه على ماهيته فلا حاجة إلى إعادته.
__________________
(١) فصلت ٤١ : ٥٣.