الحمل على شدّة العناية والحراسة ، ووجه حسن هذا المجاز أنّ من عظمت رعايته لشيء واشتدّت عنايته به كثر نظره إليه.
الثالث : ما يدلّ على اليد وقد وردت تارة بصيغة الإفراد كقوله تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (١) (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) (٢) وتارة بصيغة التثنية كقوله : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ)(٣) وقوله : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) (٤) وتارة بصيغة الجمع كقوله تعالى : (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) (٥)
والجواب أنّ اليد يعبّر بها مجازا عن أمور :
منها : القدرة فيقال : يد السلطان فوق يد الرعية ، أي قدرته. ووجه حسن هذا المجاز أنّ كمال حال هذا العضو إنّما يظهر بالقدرة ، فلمّا كان المقصود القدرة أطلق اسم اليد على القدرة.
ومنها : النعمة ؛ لأنّ آلة إعطاء النعمة اليد (٦) فيكون إطلاق اسم السبب على المسبّب.
ومنها : أن يذكر لفظ اليد صلة للكلام وتوكيدا ، يقال : يداك أوكتا وفوك (٧) نفخ ، ويقرب منه (٨) قوله تعالى : (فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (٩) ، و (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)(١٠)
إذا عرفت هذا. فالمراد في الأولى : أنّ قدرة الله غالبة على قدرتهم ، وفي الثانية : النعمة.
__________________
(١) الفتح ٤٨ : ١٠.
(٢) المائدة ٥ : ٦٤.
(٣) ص ٣٨ : ٧٥.
(٤) المائدة ٥ : ٦٤.
(٥) يس ٣٦ : ٧١.
(٦) لأن اعطاء النعمة باليد ـ خ : (آ).
(٧) وكذا وفوك نفخ ـ خ : (د).
(٨) ونعرف منه ـ خ : (آ) ـ ونعرف منه قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) والمراد بأنفسكم إلى التهلكة ـ هامش ـ خ : (آ).
(٩) المجادلة ٥٨ : ١٢.
(١٠) الأعراف ٧ : ٥٧ ؛ الفرقان ٢٥ : ٤٨ ؛ النمل ٢٧ : ٦٣.