المعلوم أنّ التخليق مع هذا النوع من العناية ما كان حاصلا في غير آدم.
وأمّا يداه مبسوطتان ، فالمراد النعمة ؛ لأنّه ورد جوابا عن قول اليهود ، وقد بيّنا وجه ذلك ، والتثنية عبارة عن كثرة النعم وشمولها للخلق.
وقيل : المراد نعمتاه الظاهرة والباطنة أو نعمة (١) الدنيا والآخرة.
الرابع : ما يدلّ على اليمين كقوله : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (٢) وقوله : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) (٣).
والجواب أنّ اليمين عبارة عن القوة والقدرة ، بدليل أنّه يسمّى جانب الأيمن باليمين ؛ لأنّه أقوى الجانبين ، وسمّى الحلف باليمين ؛ لأنّه يقوي عزم الإنسان على الفعل والترك ، فعلى هذا المراد بالسماوات مطويات بقدرته.
وأمّا قوله : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) أي ثمّ أخذنا بيمين ذلك الإنسان ، كما يقال :
أخذت بيمين الصبي إلى المكتب أو يكون بيمين الآخذ ، فيكون المراد أخذنا منه بالقوة والقدرة.
الخامس : ما يدلّ على القبضة كقوله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٤).
والجواب : ظاهر الآية يدلّ على أنّ الأرض قبضته ، وذلك محال لوجوه :
الأوّل : أنّ الأرض محتوية على النجاسات ، فكيف يقول العاقل : إنّها قبضة إله العالم.
الثاني : أنّ القرآن دالّ على أنّ الأرض مخلوقة ، وقبضة الخالق لا تكون مخلوقة.
الثالث : أنّ الأرض تقبل الاجتماع والافتراق والعمارة والتخريب ، وقبضة الخالق لا تكون كذلك.
فإذن لا بدّ من التأويل ، وهو أنّ الأرض في قبضته. ثمّ إنّ القبضة قد يراد بها احتواء
__________________
(١) أو نعمتا ـ خ : (آ).
(٢) الزمر ٣٩ : ٦٧.
(٣) الحاقة ٦٩ : ٤٥.
(٤) الزمر ٣٩ : ٦٧.