الثاني : أنّ إثبات الساق الواحدة للحيوان نقص ، تعالى الله عنه.
الثالث : أنّ الكشف إنّما يكون عن الاحتراز عن تلوّث الثوب بشيء محذور ، وجلّ إله العالم ، بل المراد شدّة أهوال القيامة يقال : قامت الحرب على ساقها ، أي شدّتها فقوله: (يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) أي عن شدّة القيامة وأهوالها وأنواع عذابها وأضافه إلى نفسه في الخب ؛ لأنّه شدّة لا يقدر عليها إلّا هو.
الثامن : ما يدلّ على صفات لا تقوم إلّا بالأجسام (١) ، وهو أقسام :
الأوّل : الحياء ، قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً)(٢)وكما روى سلمان عن النبي صلىاللهعليهوآله : «أنّ الله حيّ كريم يستحيي إذا رفع العبد يديه إليه أن يردّهما صفرا حتّى يضع فيهما خيرا».
والجواب : أنّ الحياء هو تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاقب به أو يذمّ عليه ، واشتقاقه من الحياة جعل الحياء لما يعتريه من الانكسار والتغيّر ، فتنكسر القوة فتنقص الحياة (٣) ولهذا يقال : هلك فلان حياء من كذا ، ومات حياء ، وحينئذ لا بدّ من تأويل.
فنقول : إنّ القانون الكلّي أنّ كلّ وصف يختصّ بالأجسام إذا وصف به تعالى ، فهو محمول على نهايات الأغراض لا على بدايات الأغراض.
مثاله : إنّ الحياء حالة تحصل للإنسان ، لها مبدأ ونهاية ، أمّا المبدأ فهو التغيّر المذكور ، وأمّا النهاية فهو ترك ذلك الفعل ، فإذا ورد في حقّ الله تعالى ، فليس المراد ذلك التغيّر والخوف الذي هو مبدأ ، بل المراد ترك الفعل الذي هو نهايته ، وكذلك الغضب له مبدأ ، وهو غليان دم القلب وشهوة الانتقام ، وله غاية ، وهو إيصال العقاب إلى المغضوب عليه ، فإذا وصف الله تعالى به فليس المراد المبدأ بل النهاية والغاية.
__________________
(١) بأجسام ـ خ : (آ).
(٢) البقرة ٢ : ٢٦.
(٣) جعل الحيّ لما يعتريه من الانكسار والتغيّر منكسر القوة بمنتقض الحياء ـ خ : (آ).