الثاني : اللقاء ، قال الله تعالى : (أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) (١) (يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) (٢) واللقاء من صفات الأجسام.
والجواب أنّه محمول على أحد وجهين :
الأوّل : أنّ الرجل إذا حضر عند ملك ولقيه ، دخل هناك تحت حكمه وقهره دخولا لا حيلة له في رفعه ، وكان ذلك اللقاء سببا لظهور قدرة الملك عليه ، فعلى هذا الوجه يكون من قسم الحمل على نهايات الأغراض.
وثانيهما : أن يكون في الكلام حذف مضاف ، أي ملاقوا جزاء ربّهم ، وكذا في غيرها.
الثالث : المجيء نحو : (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) (٣) وكذا في قوله : (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) (٤) و (جاءَ رَبُّكَ) (٥).
والجواب : أنّ إتيان الله تعالى ومجيئه يمتنع حمله على ظاهره ، وإلّا لكان محدثا ؛ لأنّه لا ينفكّ حينئذ من الحوادث ، ولكان محدودا ، ولجاز إثبات إلهيّة غيره من الأجسام ؛ لأنّ منع إلهيّتها لجريان صفات الأجسام عليها وإلّا لما كان يتمّ طعن الخليل عليهالسلام في إلهيّة الكواكب والشمس والقمر ، فيكون المراد حينئذ غير ذلك.
أمّا في الإتيان فوجهان : الأوّل : أنّ المراد أن يأتيهم آيات الله ، فجعل مجيئها مجيئا له على التعظيم لشأنها ، ويدلّ على هذا قوله من قبل : (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) (٦).
أو يكون المراد أن يأتيهم أمر الله ، لقوله في سورة النحل : (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ
__________________
(١) البقرة ٢ : ٤٦ ؛ هود ١١ : ٢٩.
(٢) التوبة ٩ : ٧٧ ؛ الاحزاب ٣٣ : ٤٤.
(٣) البقرة ٢ : ٢١٠.
(٤) الأنعام ٦ : ١٥٨.
(٥) الفجر ٨٩ : ٢٢.
(٦) البقرة ٢ : ٢٠٩.