الثاني : أن تكون عائدة إلى آدم عليهالسلام.
الثالث : أن تكون عائدة إلى الله تعالى.
فعلى الأوّل يكون المراد من العبارة الأولى الردّ على من قال : إنّ آدم كان على صورة أخرى كقولهم : إنّه كان عظيم الجثّة طويل القامة بحيث يكون رأسه قريبا من السماء ، فيكون النبي صلىاللهعليهوآله أشار إلى إنسان معيّن ، وقال : إنّ الله خلق آدم على صورته أي كان شكل آدم مثل شكل هذا الإنسان.
وكذا على (١) العبارة الثانية ، وزيادة وجه آخر ، وهو أنّ النبي صلىاللهعليهوآله إنّما نهى عنه ؛ لأنّه شتم لآدم عليهالسلام وجميع الأنبياء ، لأنّهم مشبهون بصورة ذلك الشخص ، وخصّ آدم عليهالسلام بالذكر ، لأنّه ابتدأ خلقه على هذه الصورة.
وعلى الثاني وهو أقوى الوجوه ؛ لكونه عودا إلى الأقرب يحتمل وجوها :
الأوّل : لمّا عصى آدم وأخرج من الجنّة لم يعاقب بمثل ما عوقب به غيره من الحية والطاوس (٢) ، فإنّه أخرجهما وغيّر في خلقهما ، بخلافه عليهالسلام فإنّه لم يغير خلقه.
والفرق بين هذا الجواب وما قبله : أنّ المقصود من هذا أنّه عليهالسلام كان مصونا عن المسخ ، والأوّل بيان أنّ هذه الصورة الموجودة ليس إلّا هي التي كانت قبل من غير تعرّض للمسخ وعدمه.
الثاني : أنّه إبطال لقول الدهرية الذين يقولون : إنّ الإنسان لا يتولّد إلّا بواسطة النطفة ودم الطمث فقال : إنّ الله خلق آدم على صورته ابتداء من غير تقدّم نطفة وعلقة ومضغة.
__________________
(١) في ـ خ : (د).
(٢) كيفية مجيء إبليس إلى آدم وحوّاء في الجنّة وما اتّخذه فيه من الوسيلة غير مذكورة في الروايات الصحيحة والمعتبرة ، فإنّها خالية عن بيانها ، وأما ما في بعض الأخبار من ذكر الحية والطاوس عونين لإبليس في إغوائه إياهما فغير معتبرة ، وكأنّها من الأخبار الدخيلة والقصة مأخوذة من التوراة ، ويظهر من التأمل وإمعان النظر فيها أنّ تلك القصة من الإسرائيليات والأساطير التي لا يعتمد عليها. انظر في هذا المطلب إلى ما كتبه سيدنا العلامة الطباطبائي دام ظله العالى في تفسير الميزان ، ج ١ ، ص ١٤٠ طبعة بيروت.