الثالث : أنّه ردّ على الفلاسفة الذين قالوا : إنّ الإنسان لا يتكوّن إلّا في مدّة طويلة وزمان مديد وبواسطة الأفلاك والعناصر ، فقال عليهالسلام : إنّه خلقه من غير هذه الوسائط.
الرابع : الردّ على الأطبّاء والفلاسفة القائلين بالقوة المصوّرة المولّدة لا بتخليق الله تعالى وإيجاده.
الخامس : أن يكون المراد من الصورة الصفة ، يقال : شرحت لفلان صورة الواقعة ، وذكرت (١) صورة المسألة ، أي صفتها ، فيكون المراد أنّ آدم عليهالسلام خلق على جملة صفاته وأحواله ؛ وذلك أنّ الانسان حين يحدث يكون في غاية العجز والجهل ، ثمّ يزداد علمه وقدرته ، فبيّن عليهالسلام أنّ آدم خلق من أوّل الأمر كاملا في علمه وقدرته.
وعلى الثالث : يحتمل وجوها :
الأوّل : أن يكون المراد من الصورة الصفة ، فيكون المعنى أنّ آدم عليهالسلام امتاز عن سائر الأشخاص والأجسام بكونه عالما بالمعقولات ، قادرا على استنباط الحرف والصناعات ، وهذه صفات شريفة للشخص نفسه مناسبة لصفات الله تعالى من بعض الوجوه.
الثاني : أنّه كما يصحّ إضافة الصفة إلى الموصوف كذا يصحّ إضافتها إلى الخالق والموجد (٢) ، ويكون الغرض من هذه الإضافة الدلالة على أنّ هذه الصورة ممتازة عن سائر الصور بمزيد الكرامة والجلالة.
الثالث : قال الغزالي : ليس الانسان عبارة عن هذه البنية ، بل هو موجود ليس بجسم ولا جسماني ولا تعلّق له بالبدن الأعلى سبيل التدبير والتصرف ، فيكون المراد أنّ نسبة ذات آدم إلى هذا البدن كنسبة الباري تعالى إلى العالم ، من حيث إنّ كلّ واحد منهما غير حالّ في هذا الجسم وإن كان مؤثّرا فيه بالتصرّف.
__________________
(١) وكدت ـ خ : (آ).
(٢) والموجود ـ خ : (د) ـ والصحيح ما في ـ خ : (آ) وأثبتناه في المتن.