المائتين كقوله : أنزل القرآن (١) وغير ذلك.
وأجيب أنّ القرآن حروف وأصوات ، فيكون الانتقال عليها محالا ، فيكون إطلاق لفظ الإنزال على سبيل المجاز ، فلا يحسن التمسّك به.
وأيضا قد يضاف الفعل إلى الأمر به كما يضاف إلى المباشر كقوله : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) (٢) وقال في موضع آخر : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) (٣) وغير ذلك فيكون الإنزال مضافا إليه ، للأمر به ، وهو المطلوب.
السادس : التمسّك بالآيات المقرونة بحرف «إلى» مع أنّها لانتهاء الغاية كقوله تعالى: (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٤) (إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (٥) (إِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (٦) (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) (٧).
وأجيب : أنّا نبيّن في النوع الثالث الجواب عن الآية الأولى ، وأمّا الثاني فمعارض بقوله تعالى عن الخليل عليهالسلام : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) (٨) وليس المراد الجهة فكذا هنا.
__________________
ـ المشية ، لا لعدم المقتضي ، بل المقتضي لتلاوة القرآن كان موجودا في رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإذا ارتفع المانع وتعلّقت المشية ، فشرع رسول الله صلىاللهعليهوآله لتلاوة القرآن ، بعد أن نزل جبرائيل وأتى بالقرآن تدريجا في قالبه العربي إليه ليعقله الناس ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله ينتظر الوحي فيما ينزل إليه بالألفاظ العربية ليبلغه الناس ، فإنّ أفهامهم لا تصل إلى فهم الكتاب المبين ، الذي نزل في ليلة القدر إلى قلبه الشريف إلّا أن ينزل في القالب العربي الذي يفهم الناس ، وكان ذلك في مدّة الدعوة النبوية المقدّسة.
ذكرنا هذا المطلب هنا بمناسبة ذكر المصنّف (ره) لفظي : الانزال والتنزيل وإن كان المناسب ذكره عند المباحث الآتية في بحث النبوة.
(١) أنزل القرآن ـ خ : (د) ـ (يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ) ـ خ : (آ) كذا في النسختين ، وفي القرآن الكريم : (أَنْزَلَ الْفُرْقانَ) آل عمران ٣ : ٤ (أَنْزَلَ الْفُرْقانَ) الفرقان ٢٥ : ١.
(٢) الزمر ٣٩ : ٤٢.
(٣) السجدة ٣٢ : ١١.
(٤) القيامة ٧٥ : ٢٣.
(٥) السجدة ٣٢ : ١١ ؛ الجاثية ٤٥ : ١٥.
(٦) آل عمران ٣ : ٢٨ ؛ النور ٢٤ : ٤٢ ؛ فاطر ٣٥ : ١٨.
(٧) الفجر ٨٩ : ٢٨.
(٨) الصافات ٣٧ : ٩٩.