السابع : قوله : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (١) والحجاب إنّما يصحّ في حقّ من يكون في جهة حتّى يصير محجوبا بشيء آخر.
وأجيب عنه بوجوه تأتي.
الثامن : الآيات الدالة على أنّه في السماء كقوله : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) (٢) وغيرها.
وأجيب بأنّه لا يمكن إجراؤها على ظاهرها ، لوجهين.
الأوّل : قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) (٣) وهذا يقتضي أن يكون المراد بالصورتين معنى (٤) واحدا ، لكن كونه في الأرض ليس بمعنى الاستقرار ، فكذا كونه في السماء ليس بمعنى الاستقرار.
الثاني : أنّه ليس في الآية ما يدلّ على أنّ الذي في السماء هو الله ، لجواز (٥) أن تكون «من» كناية عن الملائكة ، لأنّهم أعداء الكفّار والفسّاق ، سلّمنا أنّ المراد هو الله ، لكنّ في الكلام إضمارا ، إمّا ملكه ، وخصّ بالسماء تفخيما بشأنها ، لكونها أعظم من الأرض. وإمّا في السماء عذابه أو غير ذلك.
التاسع : ما يدلّ على الارتفاع إليه كقوله تعالى : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) (٦)
__________________
(١) المطففين ٨٣ : ١٥.
(٢) الملك ٦٧ : ١٦.
(٣) الزخرف ٤٣ : ٨٤.
(٤) معا ـ خ : (د).
(٥) يجوز ـ خ : (د).
(٦) آل عمران ٣ : ٥٥. التوفّي في الآية الشريفة بمعنى الأخذ والاستيفاء ، وهو يتحقّق بالإماتة وبالنوم وبالأخذ من الأرض وعالم البشر إلى عالم السماء ، أي إنّي آخذك ورافعك إليّ ، وليس معنى التوفّي الإماتة ، فما لهج به بعض المفسّرين بقوله : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) ، أي مميتك حتف أنفك أو مميتك في وقتك بعد النزول من السماء وما يقرب من هذا التفسير ، فقد ذهل عن أصل معنى لفظ التوفّي وحقيقته فلا منافاة بين معنى الآية وما يعتقده المسلمون بأنّ عيسى عليهالسلام لم يمت ولم يقتل قبل الرفع إلى السماء كما صرّح به القرآن الكريم.
فإن شئت تفصيل الكلام في هذا المقام وتحقيقه فانظر إلى مقدّمات تفسير آلاء الرحمن للعلامة النابغة الأكبر الشيخ محمد جواد البلاغي النجفي قدّس الله روحه ج ١ ، ص ٣٣ طبعة صيدا. وانظر أيضا إلى كتاب موقف العقل والعلم والعالم من ربّ العالمين للشيخ العلّامة الشيخ مصطفى صبري شيخ الإسلام ـ