كراهتنا ولا نمدح عليه ولا نذمّ ، أنّ فاعله هو الله ، أمّا نقيض ذلك فقال جهم (١) وبشر (٢) هو كالأوّل.
وقال أبو الحسن الأشعري (٣) وأتباعه كذلك إلّا أنّ العبد له الكسب ، وفسّره بأنّ الله تعالى أجرى عادته أن يخلق الفعل والقدرة عليه عند اختيار العبد الطاعة أو المعصية.
والقاضي (٤) : بأنّ ذات الفعل من الله وكونه طاعة أو معصية من العبد ، وذلك مناط التكليف كاللطمة تقع تاديبا وظلما. وقال قوم : هو غير معلوم.
والأسفرائني (٥) أبو إسحاق جعل الفعل واقعا بالقدرتين.
وقالت العدلية : إنّه من العبد ، فقيل : معلوم نظرا ، وقيل : ضرورة ، وهو الحقّ ، وننبّه على ضروريّته بالفرق بين حركاتنا الاختيارية كالأكل والشرب وغيرها كالنبض بإمكان ترك الأوّل دون الثاني حتّى قال أبو الهذيل : حمار بشر أعقل من بشر. وبحسن (٦) المدح على الطاعة والذمّ على المعصية لا على حسن الصورة وقبحها ، وليس إلّا العلم ضرورة بالفاعلية في الأوّل دون الثاني.
وبحصول العلم بذلك للأطفال ؛ فإنّه يذمّ رامي الآجرة لا الآجرة بل للبهائم ، فإنّ الحمار ينفر من الإنسان إذا قصد أذاه ، ولا ينفر من النخلة والحائط ؛ لما تقرّر في وهمه من قدرة الإنسان دونهما.
وبالنقل المستفيض بذلك كتابا وسنّة.
فإن احتجّ المخالف بأنّ فعل العبد إمّا معلوم الوقوع له تعالى فواجب أو عدمه فممتنع ، ولا قدرة عليهما.
__________________
(١) جهم بن صفوان الراسبي قتل سنة ١٢٨.
(٢) بشر المريسي من المرجئة ، ومرجئة بغداد من أتباعه توفّي ٢١٩ قيل : إنّ المأمون أمر بصلب المريسي على الجسر ، وبشر بن المعتمر من المعتزلة توفّى ٢١٠.
(٣) أبو الحسن على بن إسماعيل الأشعري توفّي ٣٢٤ ، وقيل ٣٣٢.
(٤) القاضي عبد الجبار المعتزلي الهمذاني الأسدآبادي المتوفّى ٤١٥.
(٥) أبو إسحاق الأسفرائني المتوفّى ٤١٨.
(٦) يحسن ـ خ : (آ).