وبأنّه ممكن مستحيل حال استواء الدواعي إلى طرفيه ، فيفتقر إلى المرجّح فيجب مع حصوله وإلّا لا ترجيح ويمتنع مع عدمه فلا قدرة.
وبأنّ وقوعه إمّا لا لمرجّح وهو محال ، أو لمرجّح إمّا منه تعالى فالفعل منه أو من العبد فيتسلسل وهو محال أيضا ، فتعيّن الثاني.
وبأنّه لو كان فاعلا لكان عالما بتفاصيل فعله ؛ لأنّ تخصيص الشيء بالإيجاد يستدعي تصوّره ، لكن اللازم باطل بحركات (١) أجفانه ، وبأنّ البطء لتخلّل السكنات التي لا يشعرها.
وبأنّه يمكن مخالفة إرادة العبد لإرادته تعالى (٢) بالفعل الواحد فإمّا أن لا يقع المرادان ، وهو خلو عن النقيضين ، أو يقعا وهو جمع بينهما ، أو يقع أحدهما وهو ترجيح بلا مرجّح لاستقلال كلّ بقدرته.
وبالنقل المستفيض أيضا.
فإنّا نجيب عن الأوّل بأنّ الوجوب اللاحق لا ينافي إمكان الفعل الذاتي الذي هو متعلّق القدرة ، وبأنّ العلم تابع للوقوع وعدمه فلا يؤثّر فيه وجوبا ولا امتناعا ، وبأنّه معارض بفعله تعالى (٣).
وعن الثاني بأنّ المختار يرجّح أحد مقدوريه لا لمرجّح أو بأنّ المرجّح هو الداعي ، وذلك لا ينافي القدرة كالواجب تعالى.
وعن الثالث بما قلناه آنفا ، ولا يلزم نسبة الفعل إليه تعالى ؛ لكون الداعي منه ؛ لأنّه آلة كالسيف مع القاتل ، فإنّ فعله لا ينسب إلى الحدّاد.
وعن الرابع بالمنع من عدم علمه ، وبطلان اللازم ممنوع ، ولا نسلّم أنّه غير شاعر بما ذكرته ، غايته أنّه غير شاعر بأنّه شاعر.
__________________
(١) لحركات ـ خ : (د).
(٢) إرادته تعالى ـ خ : (آ).
(٣) مراده أنّ ما ذكره المخالف المستدلّ عائد في حقّه تعالى من غير فرق ، فيقال : فعله تعالى إمّا معلوم الوقوع له أو لا ، والأول واجب والثاني ممتنع ، ولا قدرة عليهما.