وعن الخامس بأنّه يقع مراده تعالى لقوّة قدرته ؛ إذ يمتنع (١) تساوي القدرتين بل هما متفاوتان ؛ فإنّ الضعيف لا يعارض القوي ، أو نقول : يقع مراد العبد ؛ لأنّه تعالى خلقه ومكّنه وأراد وقوع الطاعة منه اختيارا ليستحقّ الثواب ، فلا يحسن إجباره ، ولا يلزم من ذلك تخلّف مراده تعالى المنافي لقوله عليهالسلام : «ما شاء الله كان» لأنّ المراد استحالة التخلّف في إرادته فعل نفسه لا فعل عبده ، والفرق ما ذكرناه.
وعن السادس بالمعارضة بمثله عن النقل وهو كثير ، ويترجّح نقلنا بأنّه موافق لما علم ضرورة ، وبانتفاء التكليف على ما ذكرناه ، وكذا الوعد والوعيد والتخويف والإنذار مع قبول ما ذكروه للتأويل ، وهو مذكور في المطوّلات.
وأمّا الكسب الذي ذكروه فلا معنى له ؛ لأنّ حاصل تفسيرهم له أنّه فعل من أفعال القلب عزما أو اختيارا ، وكلّ فعل لا بدّ له من قدرة ، فذلك إمّا من فعل الله فلا كسب للعبد وإمّا من العبد ، فيثبت أنّه فاعل لشيء وهو يناقض قولهم : لا فاعل إلّا الله.
وهنا فوائد :
الأولى : أنّ الفعل إمّا مباشر ، وهو ما كان في محلّ القدرة كحركة اليد وإمّا متولّد ، وهو الصادر بحسب فعل آخر في محلّ القدرة كالحركة الصادرة عن الاعتماد ، ويسمّونه المسبّب ، ويسمّون الأوّل سببا ، وإمّا مخترع وهو ما عدا هذين القسمين ، وهذا لا نزاع في أنّه مختصّ به تعالى.
والأوّل : قد عرفت الخلاف فيه ، وأمّا الثاني فأكثر المعتزلة والمحقّقين على أنّه من فعلنا كالمباشر ، وعند بعضهم : أنّه بطبع المحلّ وأنّه ليس للعبد إلّا الإرادة. وقيل : له الفكر فقط.
والحقّ الأوّل ، والتجأ المعتزلة في حقّيته إلى الضرورة ، واستدلّ بعضهم على ضرورية العلم بذلك بحسن المدح والذم عليه فيكون صادرا من العبد.
__________________
(١) نمنع ـ خ : (آ).