الأول : في حقيقته وأقسامه ، وهو بعث (١) من يجب طاعته ابتداء على ما فيه مشقّة إمّا من فعل أو ترك ، فبقيد الابتداء خرج النبي والإمام وغيرهما ممّن تجب طاعته ، وبقيد المشقّة خرج ما لا مشقّة فيه كالنكاح المستلذّ ، واشتراط الإعلام (٢) لا أرى دخوله في حقيقته ، بل في شرائطه كما يجيء.
وينقسم إلى اعتقاد وعمل ، الأوّل : ينقسم إلى علم عقلا (٣) كالمعرفة بالله وشرعا (٤) كالعبادات ، وإلى ظنّ كالقبلة ، والثاني : إمّا عقلي كردّ الوديعة ، وشكر المنعم والإنصاف وترك الظلم من الواجبات ، والفضل وحسن المعاشرة من المندوبات ، وإمّا سمعي كفعل العبادات الخمس وغيرها ممّا لا يستقلّ العقل بدركه.
الثاني : في شرائطه ، وهي إمّا راجعة إلى الربّ ، وهي كونه عالما بصفات الأفعال وإلّا لجاز عليه الأمر بالقبيح والنهي عن الحسن ، وبمقدار الثواب وإلّا لأوصل بعض الحقّ فيكون ظلما ، وكونه قادرا على إيصال المستحقّ لما قلناه ، وكونه لا يخلّ بالواجب وإلّا لجاز الإخلال ببعض المستحقّ أو بكلّه.
وإمّا راجعة إلى العبد ، وهي كونه قادرا على ما كلّف به وكونه عالما (٥) به أو إمكان
__________________
(١) البعث على الشيء هو الحمل عليه والحثّ بالأمر والنهي.
(٢) يعني زيادة قيد «بشرط الإعلام» على التعريف كما فعله جمع من المتكلّمين ـ أي بشرط إعلام المكلّف بما كلّف به ؛ إذ الإتيان به لا يتصوّر بدون قصده على وجه الامتثال ـ ووجه عدم لزوم هذا القيد في التعريف هو ما ذكره المصنّف (ره) أنّه غير داخل في حقيقة التكليف بل في شرائطه.
(٣) عقلي ـ خ : (د).
(٤) شرعي ـ خ : (د).
(٥) ذكر في كثير من الكتب الكلامية في شرائط المكلّف : «كونه عاقلا» وقالوا في تفسيره على ما هو المشهور بين المتكلّمين ـ كما صرّح به فخر الدين الرازي في المحصل والعلّامة قدسسره في نهاية المرام ـ أنّ العقل الذي هو مناط التكليف هو العلم بوجوب الواجبات واستحالة المستحيلات ، لأنّ العقل لو لم يكن من قبيل العلوم لأمكن انفكاك أحدهما عن الآخر ، فيصحّ وجود العقل من دون علم ووجود علوم كثيرة بغير عقل ، وهو محال ؛ لاستحالة وجود عاقل لا يعلم شيئا أصلا ووجود عالم بجميع الأشياء ولا يكون عاقلا ، وليس هو العلم بالمحسوسات لحصوله في البهائم والمجانين ، فهو إذن علم بالأمور الكلية ، وليس من العلوم النظرية ؛ لأنّها مشروطة بالعقل ، فلو كان العقل عبارة عنها كان الشيء شرطا في نفسه وهو محال ، فإذن هو علم ـ