وقالت الأشاعرة : هي القدرة على الطاعة وعدم القدرة على المعصية. وقال بعض الحكماء : إنّ المعصوم خلقه الله جبلّة صافية وطينة نقية (١) ومزاجا قابلا ، وخصّه بعقل قوي وفكر سوي ، وجعل له ألطافا زائدة ، فهو قوي بما خصّه على فعل الواجبات واجتناب المقبّحات والالتفات إلى ملكوت السموات والإعراض عن عالم الجهات ، فتصير النفس الأمّارة مأسورة مقهورة في حيّز النفس العاقلة.
وقيل : هو المختصّ بنفس هي أشرف النفوس الإنسانية ، ولها عناية خاصة وفيض خاص ، يتمكّن (٢) به من أسر القوة الوهمية والخيالية الموجبتين للشهوة والغضب ، المتعلق كلّ ذلك بالقوة الحيوانية.
ولبعضهم كلام حسن جامع هنا قالوا : العصمة ملكة نفسانية يمنع المتّصف بها من الفجور مع قدرته عليه ، وتتوقّف هذه الملكة على العلم (٣) بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات ؛ لأنّ العفّة متى حصلت في جوهر النفس ، وانضاف إليها العلم التامّ بما في المعصية من الشقاوة والطاعة من السعادة ، صار ذلك العلم موجبا لرسوخها (٤) في النفس ، فتصير ملكة.
ثمّ إنّ تلك الملكة إنّما تحصل له بخاصيّة نفسية أو بدنية تقتضيها ، وإلّا لكان اختصاصه بتلك الملكة دون بني نوعه ترجيحا من غير مرجّح ، ويتأكّد ذلك العلم بتواتر الوحي وإن يعلم المؤاخذة على ترك الأولى.
الثانية : في أقوال الناس في متعلّق العصمة وزمانها :
أجمعوا على امتناع الكفر عليهم إلّا الفضيلية (٥) من الخوارج فإنّهم جوّزوا صدور الذنب عنهم ، وكلّ ذنب عندهم كفر ، فلزمهم جواز الكفر عليهم ، وجوّز قوم عليهم
__________________
(١) تقية ـ خ : (د).
(٢) متمكن ـ خ : (آ).
(٣) علم ـ خ ل ـ خ : (د).
(٤) لرسخها ـ خ : (آ).
(٥) انظر الحور العين ، ص ١٧٧ ، ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ؛ مقالات الإسلاميين ، ج ١ ، ص ١٨٣.