الكفر تقية وخوفا ، ومنعه ظاهر ؛ فإنّ أولى الأوقات بالتقية زمان ابتداء الدعوة لكثرة المنكرين له (١) حينئذ ، لكن ذلك يؤدّي إلى خفاء الدين بالكلية.
وجوّز الحشوية وأصحاب الحديث عليهم الإقدام على الكبيرة والصغيرة ولو عمدا قبل النبوّة وفي (٢) بعدها ، وأمّا المعتزلة فمنعوا من الكبائر وما يستخفّ من الصغائر قبل النبوة وفي حالها ، وما لا يستخفّ جوّزوه في الحالين ، ثمّ منهم من أجاز الصغيرة عمدا ، ومنهم من منع وجوّر إقدامهم على المعصية على سبيل التأويل ، كتأويل آدم عليهالسلام الإشارة النوعية بالشخصية (٣) وكان المراد الأولى ، فنزّهه هذا عن معصية وأضاف إليه اثنتين ، ومنهم من جوّز الذنوب كلّها سهوا أو (٤) غفلة.
وأمّا الأشاعرة فمنعوا الكبائر مطلقا عمدا وسهوا ، وجوّزوا الصغائر سهوا لا عمدا حال النبوة ، وأمّا قبلها فجوّزوا جميع المعاصي عمدا وسهوا إلّا الكفر.
وقال أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم : إنّهم معصومون من جميع المعاصي كبائر وصغائر عمدا وسهوا وخطا وتأويلا ، قبل النبوة وبعدها من أوّل العمر إلى آخره ، وهو الحقّ الصراح.
الثالثة : في الدليل على مذهبنا ، وهو من وجوه.
الأوّل : لو لا العصمة لزم نقض غرض الحكيم ، لكن اللازم باطل فكذا الملزوم. وأمّا الملازمة فلأنّ (٥) بتقدير وقوع المعصية منه جاز أمر الناس بما فيه مفسدتهم ونهيهم عمّا فيه مصلحتهم ، وذلك مستلزم (٦) لإغوائهم وإضلالهم ، وهو ضدّ مراد الحكيم ؛
__________________
(١) لها ـ خ ل ـ خ : (د).
(٢) في ـ خ : (د).
(٣) يعني كما يقال : إنّ آدم الأوّل نهي عن الشجرة بالنهي عن الشخص ، وكان المراد النوع فإنّ الإشارة قد تكون إلى النوع كقوله عليهالسلام : هذا وضوء لا يقبل الله تعالى الصلاة إلّا به. وقال بعض المعتزلة : تجوز الصغيرة على سبيل القصد ، لكنّها تقع محبطة لكثرة ثواب الأنبياء.
(٤) و ـ خ : (آ).
(٥) فلأنّه ـ خ : (آ).
(٦) يستلزم ـ خ : (د).