إذ غرضه هداية الخلق إلى مصالحهم وجذبهم بالبشارة والإنذار كما قال سبحانه : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ) (١) ، وأمّا بطلان اللازم فظاهر ؛ لأنّ مناقضة الغرض سفه وعبث ، وهما محالان عليه تعالى.
الثاني : لو لم يكن معصوما لزم وجوب (٢) فعل المعصية وترك الطاعة ، واللازم كالملزوم في البطلان.
بيان الملازمة : أنّه بتقدير جواز المعصية عليه جاز أن يوجب الحرام ويحرّم الحلال ، ويجب علينا اتباعه لقوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٣) وأمّا بطلان اللازم فلأنّ الأمر بالقبيح قبيح على الحكيم.
الثالث : لو لم يكن معصوما لم يكن مقبول الشهادة ، لكن اللازم باطل إجماعا فكذا الملزوم.
بيان الملازمة : أنّ بتقدير عدم عصمته يجوز وقوع المعصية منه فيكون فاسقا ، فلا تقبل شهادته لقوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (٤).
الرابع : لو كان جائز الخطأ فليفرض (٥) واقعا فإمّا أن يجب الإنكار عليه فيسقط محلّه من القلوب أو لا يجب فيسقط وجوب النهي عن المنكر ، والقسمان باطلان ، وهما لازمان من جواز الخطأ فيكون باطلا.
الخامس : لو لم يكن معصوما من أوّل العمر إلى آخره لجاز أن لا يؤدّي بعض ما أمر به ، بل جاز إخفاء الرسالة ابتداء ، لكن اللازم باطل إجماعا فكذا الملزوم ، والملازمة ظاهرة.
القطب الثاني : في تأويل آيات ، احتجّ الخصم بظاهرها على وقوع المعصية من
__________________
(١) النساء ٤ : ١٦٥.
(٢) وجود ـ خ : (آ).
(٣) الحشر ٥٩ : ٧.
(٤) الحجرات ٤٩ : ٦.
(٥) فلنفرضه ـ خ : (آ).